الوصال - سعيد البوسعيدي

الوصال - لفت انتباهي فيديو أنتشر في موقع التواصل الاجتماعي عبر " تويتر" عن شاب مصاب بدرجة عالية من مرض التوحد والذي بسببه لا يتحمل هذا الشاب سماع أي صوت بحيث يسبب له إزعاج مفرط جدا. كان الفيديو يعرض لحظة صعود هذا الشاب لمنصة تخرجه من الجامعة ومشهد لعدد غفير من الحضور يقومون بتحية هذا الشاب والتصفيق له بحركات اليد فقط بدون إصدار أي صوت قد يزعجه. فبسبب تقبل هؤولا الزملاء له ودعمهم له بالتصفيق الحار جدا " بدون صوت" استطاع هذا الشاب حضور حفل تخرجه وأن يعيش أحد أهم اللحظات في حياة كل إنسان.

بقدر ما بعث هذا الفيديو البهجة في قلبي، أثار أيضا الكثير من التساؤلات في خاطري. فهل نحن نعمل على تقبل كلا منا للأخر؟ هل يعمل كلنا منا للتنازل قليلا مما قد يساهم في صنع لحظة بهجة وفرح لشخص آخر قد حُرم من نعمة نحن رُزقنا إياها؟ هل نحن من نختار هذه الأقدار أم جميعنا على يقين بأن هذه قدرة الخالق الذي رزقنا إياها لهدف وحكمة؟

في كثير من الحالات نهمش ونستصغر من حُرموا من الوالدين الحقيقيين، برغم أنهم حولنا موجودين ويحققون ما لم يستطع تحقيقه من نشئ وترعرع على يدين والديه الحقيقين مع كل الميزات والحاجات التي من المفترض أن تجعل منه شخص منتج ومفيد للمجتمع. نحن فعلا بحاجة حقيقية لدعم هذه الفئة ومساندتها لما فيه مصلحة الوطن والإنسانية، فهم لم يختاروا ماضيهم ولكن يستطيعوا رسم مستقبلهم ومستقبلنا جميعا معهم.

منا من يقلل من قدرات ذوي الإعاقة وينظر لهم بنظرة النقص والاستصغار ويرفض الاختلاط أو الارتباط بهم، برغم أن هنالك الكثير من النماذج التي تمتلك من القدرات والمهارات التي تفوق قدرات الفرد الصحيح والذي رزقه الله الصحة والعافية. فلو تغلبنا على غرورنا ونظرتنا المتعطفة وغير المبررة لهم، لأصبح هؤولا يعيشون حياتهم بشكل أفضل وأجمل بيننا.

من الجيد أن نعمل جميعنا على تقبل الأخر وأن نساهم في توفير بيئة تناسبنا جميعا، نصفق بدون صوت، ونفتخر بصداقتنا بمن أصبحوا بعيدين عن والديهم الحقيقيين، وأن نرتبط ونتخالط بذوي الإعاقة. فلو تعايشنا جميعا لأصبح عالمنا أجمل.

--:--
--:--
استمع للراديو