الأستاذ خالد الغساني 

‏تعيش الأمة الإسلامية اليوم لحظة فارقة في تاريخها ، لحظة تمثل مفترق طرق بين الصمود والمقاومة من جهة ، والهزيمة والانكسار من جهة أخرى . إنها لحظة تتطلب من كل مسلم أن يدرك حجم المسؤولية التي تقع على عاتقه ، فالمعركة التي تخوضها الأمة اليوم ليست مجرد صراع سياسي أو عسكري ، بل هي معركة وجود وحضارة ، معركة دفاع عن المقدسات والقيم التي تشكل جوهر هويتنا الإسلامية .


‏اليوم تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طليعة المدافعين عن كرامة الأمة وعزتها ، إنها تحمل راية المقاومة في وجه الكيان الصهيوني المحتل ، الذي يواصل انتهاكاته للأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية ، بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل رأس إمبراطورية الشر ومحور العدوان الذي يستهدف الأمة . 


‏هذا المحور الذي يسعى لفرض الهيمنة وتفتيت وحدة الأمة ويشكل خطرًا وجوديًا ، يتطلب موقفًا موحدًا وثابتًا من كل مسلم يؤمن برسالة الإسلام وعدالة قضيته .


‏إن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه المرحلة ليس خيارًا بل واجبًا مقدسًا ، فإيران منذ انتصار ثورتها الإسلامية ، جعلت من قضية فلسطين وقضايا الأمة محورًا أساسيًا في سياستها متحدية بذلك القوى الاستكبارية العالمية . إنها تقدم نموذجًا للصمود والاستقلال في زمن تسعى فيه قوى الشر لفرض التبعية والخضوع على شعوبنا . هذا الصمود يتجلى في دعمها الثابت للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ، وفي مواجهتها الشجاعة للمؤامرات التي تحاك ضد الأمة ، سواء عبر الحروب الاقتصادية أو العسكرية أو الإعلامية ، وفي تصديها الشجاع اليوم لهذا العدوان الغاشم والمستكبر .


‏إن الانحياز إلى جانب إيران اليوم يعني الانحياز إلى كرامة الأمة وعزتها ، ويعني رفض الخنوع والاستسلام لإرادة المحتل وقوى العدوان . إن دعم المقاومة سواء بالكلمة أو الفعل أو الموقف ، هو تعبير عن الإيمان الحقيقي بقيم العدالة والحرية ونصرة المظلوم . فالكيان الصهيوني بدعم أمريكي لا يستهدف فلسطين وحدها ، بل يسعى لتدمير إرادة الأمة بأكملها ، وإخضاعها لمشروعه الاستعماري الذي يهدف إلى نهب ثرواتها وتفتيت وحدتها .


‏في المقابل فإن الهزيمة أمام هذا العدو ليست مجرد خسارة مؤقتة ، بل هي انكسار قد يمتد لأجيال ، يفقد فيه المسلمون هويتهم وكرامتهم وقدرتهم على النهوض ، فالتاريخ يعلمنا أن الأمم التي تستسلم للظلم لا تجد طريقها إلى العزة وتتوه عنها بوصلة البناء وتحقيق الازدهار وبناء الحضارات ،  لذا فإن الوقوف إلى جانب ايران اليوم هو استثمار في مستقبل الأمة ، وهو الحصن الذي يحمي الأجيال القادمة من ويلات الخضوع والذل .


‏يا أمة الإسلام إن الواجب يناديكم اليوم لتكونوا صوتًا واحدًا ، ويدًا واحدة في مواجهة الظلم والعدوان . إن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة هو دعم للقضية الفلسطينية ، ودعم لكل مسلم يرفض الظلم ويطمح إلى الحرية ؛ فلنكن على قدر المسؤولية ، ولنثبت للتاريخ أن هذه الأمة لا تعرف الاستسلام ، وأنها قادرة على صناعة مستقبلها بإرادتها الصلبة ووحدتها الراسخة.


‏إن المعركة اليوم هي معركة وجود ، وكل مسلم مدعو لأن يكون جزءًا من هذا الصمود التاريخي ؛ فإما النصر والعزة ، وإما الهزيمة والذل . فلنختر طريق العزة ولنقف مع الحق في مواجهة الباطل حتى يتحقق وعد الله بالنصر لعباده المؤمنين .
 

--:--
--:--
استمع للراديو