الوصال - خلفان الطوقي

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشا إثر إعلان مجموعة البنك الدولي عن افتتاح مكتب لها في سلطنة عمان، فمنهم كان مع هذه الخطوة، وهناك من كان ضدها، ولكل طرف أسبابه ومبرراته، فمن كان ضدها يرى أن البنك الدولي سوف يملي سياساته الاقتصادية والاجتماعية على الحكومة، وهذه السياسات سوف تكون مصدر تضييق على المواطن والمقيم، وسوف تقيده بشكل مطلق، وهذه نتيجة الصورة النمطية المرتبطة عن البنك الدولي وباقي مؤسساته مثل البنك الدولي للإنشاء والتعمير أو التنمية أو وكالة ضمان الاستثمار أو المركز الدولي لتسوية المنازعات وغيرها من الوكالات الشبيهة كصندوق النقد وغيرها.

الهدف من هذه المقالة توضيح بعض المغالطات والتعاميم عن البنك الدولي، وهل هناك ضرر من وجود مكتب له في سلطنة عمان؟ وما هي الأضرار والمكاسب من وجود مثل هذا المكتب هنا؟ المقالة سوف تكون خليطا من المعلومات لإزالة اللبس والصورة النمطية السلبية المنتشرة لدى كثير من العامة من الناس، وبعد السرد ربما سوف تتضح الصورة أكثر، والهدف ليس الجدال العقيم، وإنما توضيح الصورة ليس إلا، وأهم هذه الحقائق:

- العضوية: سلطنة عمان هي أحد أعضاء البنك الدولي، وانضمام السلطنة منذ السبعينيات.

- فروع للبنك: هناك من يروج خطورة وجود فرع للبنك في عُمان، والحقيقة أن الفرع لا يشكل خطرا أو ضغطا على أحد، وللعلم هناك فروع للبنك في عدة دول، ودول خليجية، مثل وجود مكتبين للبنك في المملكة العربية السعودية، ومكتب في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ومكتب في الدوحة في دولة قطر، ومكتب في الكويت.

- الخدمات المساندة: وجود فرع للبنك لا يعني إمكانية الاستفادة القصوى من البنك ومشوراته المالية والاقتصادية والفنية فقط، بل الاستفادة من  مؤسساته التابعة له، والاستفادة لا تقف للحكومة العمانية فقط، بل تشمل القطاع الخاص أيضا.

- شبكة علاقات دولية: وجود مكتب في عُمان لا يعني بالضرورة التعامل معه مباشرة، لكن الحقيقة التي لا بد أن تكون واضحة أن المكتب لديه شبكة تجارية دولية، ويمكن للسلطنة الاستفادة القصوى من ذلك، ومن خلال هذا المكتب يمكن توفير شبكة تجارية خليجية وإقليمية وعالمية تضمن توسعة رقعة إضافية للصادرات العمانية إلى خارج عُمان، بالإضافة إلى سرعة تنمية العلاقات الحكومية مع باقي المؤسسات الدولية من خلال هذا المكتب.

- الحلول التمويلية: تعاون البنك الدولي ومؤسساته التابعة له، وقدّم التسهيلات التمويلية طويلة المدى لعدة شركات من القطاع الخاص، مثل: بنك صحار الدولي، والشركة الوطنية للتمويل، وشركة يونايتد سولار بولي سيلكون UTS لصناعة الألواح الشمسية، لذلك وجود المكتب هو للإشراف على هذه الاتفاقيات المشتركة، مع العلم بأن الحكومة لم ولن تقدم ضمانات لهذه الاتفاقيات المشتركة فيما بينهما. 

- استكشاف فرص استثمارية جديدة: وخاصة مع جهاز الاستثمار العماني والصناديق التابعة له كصندوق عُمان المستقبل، والشركات الحكومية وشبه الحكومية وباقي شركات القطاع الخاص.

- التوظيف: بالرغم من ترأس غير عماني للمكتب، وهذا شيء طبيعي وذلك لأن المكتب دولي وليس عماني، ويمكن توظيف عمانيين في هذا الفرع، ولا يوجد ما يمنع ذلك، علما بأن هناك من المواطنين من تدربوا في البنك الدولي والمؤسسات التابعة له، وما زال هناك من هو مستفيد إلى الآن من البرامج التدريبية والتأهيلية (on job training) للبنك والمؤسسات التابعة له. 

-   المصداقية والموثوقية: وجود مكتب يتبع البنك يعطي قيمة مضافة في نظر المؤسسات الدولية والصناديق الاستثمارية العالمية، مما يؤهل السلطنة لفرص استثمارية إضافية للقطاع الخاص. 

الخلاصة: سلطنة عمان هي المبادرة في الاستفادة القصوى من البنك وخدماته، ويظهر ذلك جليا منذ عام ٢٠٢٠م خاصة في الاجتماع التشاوري السنوي، والمعطيات أعلاه توضح أن الحكومة لديها النية في الاستفادة القصوى من البنك بحكم العضوية والمساهمة المالية التي تدفعها، ووجود المكتب يمكن أن يضاعف المنافع لها وللقطاع الخاص، ولمن يشكك في المضار أو الاستفادة التي ألحقها أو جلبها البنك لبعض الدول، فعليه النظر في حيثيات ومعطيات وظروف كل دولة على حدة، فلا يمكن مقارنة نموذج كوريا الجنوبية بالأرجنتين، أو نموذج الهند بزمبابوي، وقس على ذلك، بناء عليه، يمكن القول إن البنك الدولي ليس كما يشاع أو مرسوم كصورة نمطية سلبية -عند البعض-  أن كله شر، إنما يعتمد علينا في كيفية المبادرة المبكرة في الاستفادة القصوى من ما ينفعنا  كاستفادتنا من فرع مكتب اليونسكو أو اليونسيف أو أي منظمات عالمية لها في فروع في عُمان، والحذر مما قد يضرنا.
 

--:--
--:--
استمع للراديو