بين برجينسكي وبومبيو ورفض التطبيع والخيارات الصعبة
Salim Al Amri

الوصال- سالم العمري
عندما أتى مستشار الأمن القومي الأمريكي زبجينيو برجينسكي في نهايات عهد الرئيس جيمي كارتر حاملاً راية الجهاد الإسلامي وزار عدة دول عربية وأقنعها بأن العدو الأوحد هو الاتحاد السوفيتي الملحد وأن على المسلمين إرسال أموالهم وأبنائهم وتفكيرهم لفتح أفغانستان مرة أخرى وإعادتها إلى دار الإسلام وشريعته. قالت بعض العواصم العربية أنها اقتنعت حباً في الله وحباً في واشنطن وكرهاً في الإلحاد.
وعندما أتى هذه المرة بومبيو حاملاً راية السلام والسلامة وخلفه كوشنر متسلحاً بقبلات ايفانكا ترامب العابرة للمحيط الأطلسي يسوقان للعواصم العربية التطبيع مع إسرائيل لأجل السلام والسلامة وفلسطين لترسل هذه العواصم سفرائها إلى تل ابيب قالت بعض هذه العواصم أنها اقتنعت حباً في السلام والسلامة وفلسطين.
في الحقيقة أن حب العواصم العربية لواشنطن أيام برجينسكي لم يكن أكثر من حب هذه العواصم لواشنطن اليوم في عهد بومبيو و كوشنر مع حفظ المقام للشيبة المحترم المخضرم (برجينسكي).
كما أن منطق الجهاد في أفغانستان وترك الجهاد في فلسطين من الناحية العقلية في ذلك الوقت كان غريباً كغرابة منطق السلام مقابل السلام لأجل فلسطين اليوم إذ لا منطق في المرتين. كما أن المشاعر ظلت كما هي، فلا علاقة لها بالموضوع لكنها مسألة الخيارات الصعبة ( وهنا الاعتذار للشيخة هيلاري كلينتون صاحبة كتاب بهذا العنوان).
خيارات صعبة كانت أمام العرب في ذلك الوقت في التعامل مع طلبات واشنطن حول ملف أفغانستان. واليوم الخيارات أصعب في التعامل مع واشنطن حول ملف فلسطين لأنها خيارات محدودة وساكن البيت البيض أبو ايفانكا رجل صعب المراس والانتخابات في واشنطن إعصار لا يبقي ولايذر والصوت القادم من المكتب البيضاوي يقول أيها العرب بعد التحية والسلام إما معي أو ضدي في مسألة العلاقات مع إسرائيل .
هذا الصوت مضافاً إليهِ الصراعات العربية -العربية والخليجية -الخليجية واستقطاباتها، ومحاولات حجب الرؤية لدى بعض اللوبيات في واشنطن ضد كل حق لفلسطين في ظل انكشاف الغطاء العربي الجامع الذي انكشف بسبب تراكمات من الإخفاقات العربية المتتالية والتمزقات التي لا تنتهي وأخطاء سياسية من أطراف عدة منها ماهو فلسطيني وماهو عربي .
وقبل هذا كله لابد أن نعترف بأن الذي يخطط هناك في تل ابيب يسبق تخطيط العرب وتفكيرهم بسنوات كثيرة. فاللوم اليوم وحده لايكفي والتنديد وحده لايكفي ، إذا يجب الإسراع في عودة إيجاد حد معقول للتفكير العربي المشترك حول فلسطين قبل الحديث عن العمل العربي المشترك لأجل قضية فلسطين.