الوصال - ناقش مجلس الشورى في جلسة اليوم معالي  وزير الإعلام الذي ألقى بيان الوزارة  الذي تضمن 12 محورا رئيساً حول عدد من الجوانب المتعلقة بالشأن الإعلامي في سلطنة عُمان.

وعن التحديات التي تواجه الإعلام العماني أكد معالي الوزير عبر بيان الوزارة على أنه بالرغم من العمل الدؤوب فإن العمل الإعلامي العماني لا يخلو من تلك التحديات الناتجة عن افرازات الأزمة الاقتصادية والمالية المرتدة عن انخفاض أسعار النفط خلال سنوات خطة التنمية الخمسية التاسعة واستمراريتها لبداية الخطة العاشرة، إلى جانب أزمة جائحة كورونا الذي أثر على الاقتصاد العماني، كما يعتبر ضعف السوق الإعلانية المحلية وصغر حجمها مع عدم إقبال شركات القطاع الخاص المحلي إحدى تلك التحديات التي تواجه قطاع الإعلام، جنبا الى جنب مع قوة المنافسة التي يشهدها الفضاء الإعلامي العالمي.

كما أشار وزير الإعلام إلى التحديات المتعلقة باحتكار حقوق النقل التلفزيوني لمباريات كرة القدم الخليجية و العربية و الدولية من قبل المحطات و التلفزيونات الدولية تشكل عبئا كبيرا على القنوات التلفزيونية الرياضية للمبالغة في قيمة حقوق البث و النقل. كما وأن التطور الإلكتروني المتسارع أحد أهم تلك التحديات التي تواجه قطاع الإعلام العماني، حيث أدت الثورة الرقمية إلى ضخامة وكم المعلومات صاحبه انتشار كم من المعلومات المزيفة والمضللة.

كما لفت معالي وزير الإعلام إلى التعقيدات في الحفاظ على النزاهة، خصوصا مع التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي والذي ساهم في إنتاج الصور والفيديوهات المزيفة حيث يمكن استخدام هذه التقنيات في نشر معلومات مضللة الأمر الذي يتطلب وضع ضوابط ومعاير للتحقق من صحة المحتوى من ناحية التشريعات اللازمة للتعامل مع تطورات الذكاء الاصطناعي.

وبالنسبة للمناقشات التي تلت إلقاء وزير الإعلام للبيان أشار رئيس لجنة الإعلام والسياحة والثقافة بالمجلس عبر مداخلته  بأن جلالة السلطان  المعظم أكد في خطابه الأخير بمجلس عُمان على التحدِّيات الَّتي يتعرض لها المُجتمع ومدى تأثيراتها غير المقبولة في منظومته الأخلاقيَّة والثقافية مؤكدا ضرورة التصدِّي لها، ودراستها ومتابعتها، لتعزيز قدرة المُجتمع على مواجهتها وترسيخ الهُوِيَّة الوطنيَّة، والقِيَم والمبادئ الأصيلة، إلى جانب الاهتمام بالأُسرة؛ مؤكداً على الحفاظ على السَّمت العُماني، وفي تحقيق هذا التوجه تؤثّر رسالة الإعلام بشكل كبير في فكر المجتمع والناشئة ، مستفسرا سعادته عن الدور الذي يقدمه الإعلام العماني ترجمة لتلك التوجيهات في إيجاد خطة إعلامية متكاملة الملامح بالشراكة مع الجهات المختصة لاسيما المؤسسات التربوية والتعليمي لتعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ القيم والمبادئ الأصيلة للأجيال الحالية والمقبلة.

 وفي جانب آخر، أكد رئيس "إعلامية الشورى" أن سلطنة عُمان من الدول الراعية والداعمة لمساحات حرية الرأي والتعبيــر والإعلام من خلال نظامها الأساسي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 6/2021 والقوانيــن والإجراءات المتبعة والمنظمة للشأن التنموي بكافة تفاصيله محلياً ودولياً. إضافة إلى الدور الدبلوماسي الرائد في التعامل مع كافة القضايا العادلة على المستويين الإقليمي والدولي وتوظيف القوة الناعمة في إيجاد الحلول وتوسيع خيارات السلام وخفض التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقريب وجهات النظر وتضييق هـوة الخلافات السياسية إلا أن الزخم الإعلامي لهذا الدور لا يزال دون المستوى ولا يتواكب مع ما تبذله السلطنة مستفسرًا سعادته عن الأسباب.

كما أفاد عدد من الأعضاء في مناقشاتهم لوزير الإعلام بأنه وفي ظل تزايد أهمية الإعلام بكافة وسائله المتعددة، ودخول وسائل التواصل الاجتماعي التي مثلت تحدياً جديداً للإعلام التقليدي، أصبح من الضرورة تحول الإعلام التقليدي في سلطنة عُمان إلى إعلام مبادر واستباقي يفسر الظواهر والأحداث بعمق وينهض بمسؤوليته المجتمعية والثقافية.

من جانب آخر، تم خلال الجلسة كذلك الإشارة إلى أن ترتيب سلطنة عمان في " مؤشر حرية الصحافة 2023" يبلغ 155 من أصل 180 دولة، وهو ترتيب متأخر جدا، والاستفسار عن منهجية هذا المؤشر التي تستند على بيانات نوعية وهي عبارة عن استطلاعات رأي، قد تكون هناك بعض التحفظات على موثوقية تلك الاستطلاعات ومدى حياديتها ولكن تحليل مخرجاتها غاية في الأهمية خاصة وأن هناك خمس ركائز رئيسية تشكل درجات هذا المؤشر وهي: المؤشر السياسي، المؤشر الاقتصادي، المؤشر التشريعي، المؤشر الاجتماعي، المؤشر الأمني. ويبدو من نتائج آخر تقرير (2023) بأن هناك تحسن لركيزة المؤشر السياسي والمؤشر الاقتصادي والمؤشر الأمني مع تراجع لركيزة: المؤشر التشريعي والمؤشر الاجتماعي وذلك عند المقارنة بعام 2022م. حيث تم الاستفسار عن رأي الوزارة بتلك المؤشرات وجهودها لتحسين مركز سلطنة عمان فيها.

واستفسر مجموعة من الأعضاء عن مقترح قانون حرية تداول المعلومات خاصة أنه وفي إطار الحراك الإعلامي المتسارع، والطلب الحثيث على المعلومة وسرعة تداولها فرضت مواكبتها أهمية وجود قانون ينظم طريقة الحصول على المعلومة بناء على أهدافها وآلية تداولها، وفي هذا الجانب تقدم المجلس عبر لجنة الإعلام والسياحة والثقافة بمقترح مشروع قانون حق الحصول على المعلومات وتداولها الذي أقره المجلس خلال فترته السابعة (2011/‏‏2015م) وتم رفعه إلى مجلس الوزراء، نظرا لأهميته في ضمان حصول المواطن على المعلومة. كما تم الاستفسار عن التشريعات التي تنظم الاستثمار في صناعة الإعلام وحجم الاستثمار الفعلي في مجال الإعلام العماني مؤكدين على أهمية الاستثمار في القطاع الإعلامي. 

كما تم خلال الجلسة الحديث عن مشروع تعيين متحدثين إعلاميين بوحدات الجهاز الإداري للدولة كأحد المشاريع المهمة التي بدأت تشق طريقها عبر توجيه مجلس الوزراء بتعيين متحدثين إعلاميين ، تتولى وزارة الإعلام تدريبهم والتنسيق مع المؤسسات حول تفعيل أدوارهم إلا أنه للأسف كان التجاوب نسبي في تعيينهم من قبل المؤسسات  وكذلك تفعيل أدوارهم في المواقف التي تستدعي خروجهم أمام وسائل الإعلام ، مؤكدين على أهمية أن يأخذ هذا الأمر مساره الصحيح من حيث التعميم في تعيين أولئك المتحدثين في جميع المؤسسات وتنظيم آلية تدريب موحدة ، وتفعيل أدوارهم لا سيما في وقت الأزمات وبما يخدم التوجهات والمصلحة الوطنية.

وتم كذلك خلال جلسة مناقشة وزير الإعلام الاستفسار عن مشروع المدينة الإعلامية الذكية التي تم الإشارة إليها في بيان وزارة الإعلام في العام 2018م أمام مجلس الشورى كمحطة لاستقطاب الاستثمار في هذا القطاع. حيث ذكر البيان آنذاك أن الوزارة ستعمل خلال الفترة القادمة على استكمال إجراءات طرح مشروع مدينة الإنتاج الإعلامي، متسائلين عن موعد وإجراءات طرح هذا المشروع للاستثمار أمام القطاع الخاص، وعما كانت البلد تمتلك البنية الأساسية والتشريعية والبشرية لمنافسة الدول المجاورة التي تمتلك مدن إعلامية.

كما أشارأعضاء مجلس الشورى ضمن مداخلاتهم خلال جلسة اليوم بأن القناة الاقتصادية “، و" قناة الأطفال " مشاريع لقنوات تلفزيونية تم الحديث عنها طويلاً منذ أكثر من 5 أعوام وإلى اليوم لا توجد أي بادرة فعلية تعكس التوجه لإطلاق هذه القنوات، مستفسرين عن توجهات الوزارة المستقبلية لإنشاء هذه القنوات وأسباب التأخر فيها.

وحول الموضوع ذاته أكد الأعضاء على أن مراحل الطفولة تشكل أهم مراحل الإنسان، ويحتاج الإعلام الموجه لفئة الأطفال إلى عناية فائقة في إعداده أو حسن اختياره خاصة إن كانت البرامج من إنتاج خارجي، كما يجب أن يتصف بقدرته غير المحدودة التي تعتمد على التخيل والابتكار، إن وجود القنوات والبرامج التي تخاطب عقلية الطفل العماني مسالة في غاية الأهمية، كما أن دورها في توجيه العقول وبناء الأجيال الواعدة، متسائلين في هذا الجانب عن مقدار نسب برامج الأطفال المعدة محلياً مقارنة بالبرامج المنتجة من الخارج التي تستهدف هذه الفئة، وما إن كان لدى الوزارة توجه لإنشاء وسيلة إعلامية مرئية أو تفاعلية توجه لفئة الأطفال مستقبلاً.

وقد طالب الأعضاء وزير الإعلام بأهمية الاجتماع المتواصل مع شركات الإنتاج المحلية والاستماع لمقترحاتهم ومطالباتهم والتي من شأنها الدفع بعجلة تنمية الإعلام العماني، كما طالبوا بإنشاء قناة إخبارية عالمية تليق بتاريخ سلطنة عمان مع التركيز على حياة المواطنين واهتماماتهم.

كما تساءل الأعضاء عن أسباب تركيز الإعلام العماني على الإعلام الاخباري وابتعاده عن الإعلام التحليلي في مناقشة مختلف قضايا المواطن والمجتمع، وأسباب غياب بعض القضايا في الإعلام العماني كالباحثين عن عمل، تأخر الترقيات، تسريح العمانيين في القطاع الخاص، ونظام التقاعد الجديد في قانون الحماية الاجتماعية. وفي ذات السياق طلب أصحاب السعادة ايضاحًا عن مبررات منع بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة والإعلاميين من ممارسة نشاطهم المكفول عبر القانون في مناقشة بعض القضايا المجتمعية والتي لا تمس الدولة والأمن الوطني، مما يؤثر سلبا على حرية التعبير عن الرأي. كما استفسروا عن آلية تعامل الوزارة مع الإشاعات والمعلومات المغلوطة، وتجاهل الإعلام والتواصل الحكومي لكثير من القضايا منها حادثة وزارة التربية والتعليم بشأن وفاة طلبة مدارس شمال الشرقية.

واستفسر بعض الأعضاء كذلك عن التحقيقات الاستقصائية وأسباب تراجعها في الصحف والوسائل الإعلامية المحلية بالرغم من أنها تعد أعلى مراتب المهنية الإعلامية، ولكن في نفس الوقت هي أصعبها.. والصحافة أو الإعلام الاستقصائي هو الذي يحدد قوة ومكانة الإعلام في أي مجتمع، ويجسد التحقيق الاستقصائي دور السلطة الرابعة لوسائل الإعلام في المجتمعات أو ما يمكن تسميته بوظيفة المراقبة التي تنتهجها وسائل الإعلام. مشيرين إلى أهمية تخصيص مسابقة للتحقيقات الاستقصائية على غرار مسابقة الإجادة الإعلامية.

كما تم الاستفسار عن لماذا لا تركز وسائل الإعلام في الحديث عن المخالفات والأخطاء وقضايا الفساد التي يتحدث عنها الشارع العماني وتظهر تفاصيلها جهاز الرقابة المالية والإدارية ووسائل التواصل المجتمعي.

وأكد أعضاء المجلس على تراجع الدراما العمانية في المواضيع والأداء، حيث أن المسلسلات الدرامية الرمضانية تعد هزيلة، ولم يتم إيجاد جيل محترف (صف ثاني شبيه بالمخضرمين القلائل من جيل السبعينات والثمانينات) أسوة بباقي الدول الخليجية، متسائلين عن الاحتراف في التمثيل، ودور الوزارة في تطوير ذلك الجانب وصقل الدراما العمانية بداية من الممثل وانتهاء بالنص، وهل يوجد تعاون بين الوزارة والجامعات أو المعاهد المتخصصة في رفد المشهد الدرامي بكوادر محترفة.

وتساءل أعضاء مجلس الشورى عن رؤية الوزارة واستراتيجيتها للنهوض بمعرض مسقط الدولي للكتاب، بما يتواكب مع حجم التطلعات الثقافية وتعزيز الدور الثقافي لسلطنة عمان عالمياً على مستوى دول الجوار، وعن دور الوزارة في تعزيز الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص في تطوير معرض مسقط الدولي للكتاب، وخاصة في جذب مختلف الفعاليات الثقافية والمعرفية.

--:--
--:--
استمع للراديو