الدكتور سالم الحارثي لـ «الوصال»: المنافسة الخفية واستخبارات السوق تصنع تفوّق الشركات في القطاعات المنظَّمة
لقاء خاص
الوصال ــ تناول الدكتور سالم الحارثي، الرئيس التنفيذي لشركة محمد البرواني لخدمات النفط والرئيس التنفيذي لشركة الخدمات الهندسية المتحدة، في لقاءٍ عبر قناة الوصال مع سالم العمري، محطاتٍ من تجربته المهنية والأكاديمية، مستعيدًا تفاصيل لحظة تخرّجه وحصوله على الدكتوراه بعد سنوات من العمل، ومؤكدًا أن «الإحساس الحقيقي يأتي حين ترى التتويج في منصة التخرّج، لا في الورقة وحدها».
«الدكتوراه».. إحساس يتجدد في لحظة التتويج
واستهلّ الحارثي حديثه بإشارة إلى أن حصوله على الدكتوراه كان قبل أشهر، غير أن حضور حفل التخرّج أعاد للأمر نكهته المختلفة، موضحًا أن المشهد والبيئة المحيطة يصنعان شعورًا مضاعفًا بالإنجاز، ولفت إلى تزامن التجربة مع ذكريات تخرّجه الأول من الجامعة ذاتها قبل سنوات طويلة، معتبرًا أن «التاريخ يعيد نفسه بصورة أجمل» مع حضور والدته وزوجته في المرتين.
قطاعات «منظمة» وأخرى «مفتوحة»
وناقش الحارثي الفروق بين القطاعات الخاضعة للتنظيم وتلك غير الخاضعة له، موضحًا أن القطاعات المنظمة تفرض حواجز دخول مرتفعة تبدأ من رأس المال الكبير مرورًا بالتراخيص والمعايير الصارمة، وصولًا إلى تعقيدات العلاقات مع الجهات المنظمة والعملاء والموردين والبنوك، في حين أن القطاعات غير المنظمة تتسم بانفتاح أكبر وحواجز أقل، وتقوم المنافسة فيها غالبًا على الأسعار والإعلانات والابتكار.
«المنافسة الخفية».. مفاهيم لا تظهر للعلن
وتناول الحارثي فكرة «المنافسة الخفية» في القطاعات المنظمة، مبينًا أنها لا تُقرأ عادةً بالأساليب التقليدية للمنافسة المباشرة، بل تظهر في التحالفات والشراكات وبناء النفوذ التشغيلي وتوظيف الخبرات النوعية، معتبرًا أن هذا الفهم كان أحد دوافع بحثه الأكاديمي الذي اعتمد على منهج البحث النوعي عبر مقابلات معمقة مع 14 رؤساء تنفيذيين للحصول على معرفة لا تتوافر في الدراسات الكمية المعتادة.
«استخبارات السوق».. شرط البقاء
وأشار إلى أن العامل المشترك الأبرز لدى القيادات التي التقاها في بحثه يتمثل في امتلاك «استخبارات سوقية»، موضحًا أنها تعني معرفة دقيقة بالمعلومات التشغيلية والمالية للمنافسين، خصوصًا في بيئات المناقصات والقطاعات المنظمة، مؤكدًا أن غياب هذا النوع من المعرفة قد يقود الشركات إلى الإخفاق مهما امتلكت من خبرة تشغيلية.
العلاقات.. حساسية المفهوم وضرورة الممارسة
وتطرق الحارثي إلى أن بعض الملفات في هذا النوع من القطاعات تُعد حساسة في تناولها، ومنها ملف العلاقات، مبينًا أن بناء الثقة مع العملاء والجهات المنظمة، والقدرة على تذليل العقبات عبر التواصل الفعّال، يمثلان عنصرًا مؤثرًا في استمرارية الأعمال، مع التأكيد على أن الفهم الخاطئ لهذا الجانب هو ما يجعل كثيرين يتحفظون عند الحديث عنه.
التفاوض.. «أخذٌ وعطاء» لا صدام
واستعرض الحارثي نظرته للتفاوض في القطاعات المنظمة، واصفًا إياه بأنه عملية تفاوضية مستمرة على التفاصيل، تقوم على المرونة وتقديم البدائل، ومشيرًا إلى أن بعض الثقافات تُظهر صرامة أكبر في التفاوض، ضاربًا مثالًا بتجربته في التعامل مع الجانب الصيني الذي وصفه بأنه «واضح وحاسم» في مقاربة التفاوض.
النفط والغاز.. ليس الخوف من النفاد بل من «ارتفاع التكلفة»
وناقش الحارثي مستقبل قطاع النفط والغاز، لافتًا إلى أن التحدي الأكبر ليس في احتمال نفاد النفط، بل في ارتفاع تكلفة الاستخراج بمرور الوقت، موضحًا أن تعقيدات الجيولوجيا في سلطنة عمان تجعل التطوير التقني ضرورة مستمرة، وأن التحول إلى الطاقة المستدامة بات خيارًا حتميًا، مشيرًا إلى وجود إدراك رسمي متزايد لأهمية الانتقال التدريجي للطاقة المتجددة.
شركتان بمسارين.. خدمات نفط وتصنيع محلي
وفي حديثه عن طبيعة عمله، أوضح الفرق بين شركة محمد البرواني لخدمات النفط التي تعمل في خدمات الحفر والعمليات المرتبطة بالنفط والغاز، وبين شركة المتحدة للخدمات الهندسية التي تعمل في التصنيع وإنتاج مكونات ومعدات تُستخدم في عمليات الحفر، مؤكدًا أن توطين التصنيع محليًا يمثل قيمة مضافة للاقتصاد ويعزز المحتوى المحلي.
قيادة «أصيلة».. لكل موظف مفتاحه
وتناول الحارثي أسلوبه القيادي الذي وصفه بـ«القيادة الأصيلة»، موضحًا أنه يفضل أن يبقى القائد على طبيعته داخل العمل وخارجه، وأن إدارة الفرق لا تقوم على قالب واحد للجميع، بل على فهم دوافع الموظفين واختلافاتهم، مستشهدًا بتباين احتياجات العاملين بين من يحتاج التواصل اليومي ومن يفضل الاستقلالية، ومن يضع الترقية أولوية ومن يركز على العائد المالي.
«جيل زد».. المرونة والوضوح بدل السلطة
وتحدث عن «جيل Z» بوصفه جيلًا يحب المرونة والوضوح ويركز على الأثر أكثر من الالتزام بالشكل التقليدي للعمل، لكنه أشار في المقابل إلى أن السمات لا ترتبط بالعمر وحده، بل بالبيئة التي تشكل عقلية الفرد، موضحًا أن طريقة التعامل معهم تعود إلى فهم شخصية كل موظف لا إلى تصنيف عام.
الاستثمار.. «أستثمر في الشخص لا الفكرة»
وأفاد الحارثي أن الاستثمار الحقيقي بالنسبة له يبدأ من الإنسان، موضحًا أن الأفكار كثيرة، لكن الشخص هو من يحولها إلى مشروع واقعي، مستشهدًا بتجربة دعمه لمشروع تدريبي رياضي أطلقته ابنته بعد رصدها فجوة في السوق، معتبرًا أن نجاح المشاريع يرتبط بتحديد المشكلة أو الفجوة أو مواكبة «الترند» وتحويلها إلى قيمة اقتصادية.
«خذ خطوة».. السرعة في الفعل لا في التسرع
وأكد أن الانطلاقة السريعة مطلوبة في اتخاذ الخطوة الأولى، لأن كثيرًا من الأفكار تبقى في دائرة التمني دون تحويلها إلى فعل، مشيرًا إلى أن الكتابة والتخطيط ثم البدء يفتحان الأبواب تدريجيًا، وأن رائد الأعمال هو من يتحمل مخاطر محسوبة دون انتظار اكتمال الموارد.
«الآن».. بوابة السكينة
وفي جانب شخصي، أشار إلى كتاب يركز بمفهومه إلى «قوة الآن» بوصفه من الكتب التي أثرت في رؤيته، معتبرًا أن جزءًا كبيرًا من القلق مصدره تفسير الإنسان للأحداث لا الحدث ذاته، وأن التركيز على اللحظة الراهنة يقلل من الاستنزاف الذهني الذي لا يتحقق غالبًا على أرض الواقع.
قرار بلا كل المعلومات.. خبرة وثقة
وتناول الحارثي اتخاذ القرار تحت ضغط الوقت، موضحًا أن «80%» منه تراكم خبرات و«20%» حدس، مؤكدًا أن ثقة الملاك ودعمهم للقيادة التنفيذية عامل حاسم في تعزيز القدرة على اتخاذ القرار دون الخوف من النتائج طالما أن العمل تم بأقصى قدر من المهنية.
الدكتوراه.. «مسار جديد» لا لقب
وأوضح أن الدافع وراء الدكتوراه لم يكن اللقب، بل صناعة مسار لاحق بعد العمل التنفيذي، مبينًا أن طموحه يرتبط بالانتقال مستقبلًا إلى التدريس والمحاضرات في جامعات مرموقة، وأنه لا يحب مفهوم التقاعد التقليدي بقدر ما يفضل «تغيير المسار» والاستمرار في العطاء.
إدارة الوقت.. 80/20 وفريق قوي
وختم الحارثي حديثه بالحديث عن توازن الحياة والعمل، مبينًا أن إدارة الوقت ترتكز لديه على قاعدة «80/20» والتركيز على الأولويات، إضافة إلى قانون «باركنسون» في إنجاز الأعمال وفق عقلية زمنية محددة، مع التأكيد على أن وجود فريق قوي وتفويض فعّال يحرران القائد من «الإدارة الدقيقة» ويمنحانه مساحة للتركيز الاستراتيجي.
صفقة «خدمات النفط».. استمرار الاسم وحماية الوظائف
وفيما يتعلق بصفقة الاستحواذ التي أثير حولها حديث، أوضح الحارثي أنه لا يستطيع الدخول في التفاصيل لوجود مرحلة انتقالية، لكنه أشار إلى أن الهدف الرئيس هو ضمان استمرارية الشركة وتعزيز قوتها، لافتًا إلى أن القرار كان قائمًا على توافق الثقافة والاستراتيجية، وأن الاستحواذ طال شركة خدمات النفط بنسبة «80%» مع بقاء «20%» لدى الملاك، مؤكدًا أن من الشروط الأساسية عدم المساس بالهيكل الإداري واستمرارية الموظفين، وأن أي تغيير سيكون باتجاه الإضافة والتحسين.
لمتابعة الحلقة الكاملة على «قناة الوصال باليوتيوب» عبر الرابط التالي:
تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.
للانضمام:


