الشيخ الدكتور أحمد المقبالي: الرقية الشرعية عبادة خالصة لا تُطلب إلا من الله وحده
برنامج هدايات

الوصال - تحدث الشيخ الدكتور أحمد المقبالي في برنامج «هدايات» عبر إذاعة الوصال عن موضوع الاستشفاء بكتاب الله تعالى، موضحًا أن القرآن الكريم هو «كتاب هداية ودستور حياة وضعه الله تبارك وتعالى لهداية البشرية»، وأن هذا الكتاب الخالد هو المنهج الذي أراده الله سبحانه وتعالى أن يكون للناس مرجعًا ومنارًا يستضيئون به في حياتهم، لما فيه من نور وهداية ورحمة وشفاء لما في الصدور. وأشار إلى أن موضوع الاستشفاء بكتاب الله هو من القضايا التي تتكرر كثيرًا وتثار حولها تساؤلات عديدة، وهي بحاجة إلى توضيح علمي وشرعي يزيل اللبس عنها.
«الاستشفاء جزء من الهداية»
وأوضح الشيخ المقبالي أن طلب الشفاء بالقرآن الكريم ليس خروجًا عن الغاية التي أُنزل لأجلها كتاب الله، بل هو جزء أصيل من الهداية التي أودعها الله فيه، إذ أن القرآن يجمع بين الهداية والشفاء، وبين إصلاح القلوب وتعافي الأجساد. واستشهد بعدد من الآيات القرآنية التي تؤكد هذا المعنى، منها قوله تعالى: «وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين»، وقوله سبحانه: «قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء»، موضحًا أن الله تعالى اختار لفظ الشفاء دون العلاج، لأن العلاج قد لا يؤدي غايته، بينما الشفاء وعدٌ إلهي لمن يتعرض لأنوار القرآن بإيمان ويقين.
وتحدث المقبالي بإسهاب عن الهدي النبوي الشريف في مسألة الرقية والاستشفاء بالقرآن الكريم، مبينًا أن الرسول ﷺ كان يستشفي بالقرآن في مواقف عديدة، ومن ذلك ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات وينفث»، كما كان «إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه، وقرأ فيهما قل هو الله أحد والمعوذتين، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده». وأكد أن هذه النصوص النبوية تمثل الأساس الشرعي لمشروعية الرقية بالقرآن الكريم، وأنها عبادة قائمة على التوحيد والثقة بالله وحده، وهي من السنن الثابتة التي ينبغي للمسلمين إحياؤها.
«الرقية عبادة لا تجارة»
وأوضح الشيخ أن الرقى تنقسم إلى نوعين أساسيين، الأولى جائزة وتشمل ما كان بآيات من كتاب الله أو بالأذكار والأدعية النبوية أو العامة التي توافق روح الشريعة، والثانية غير جائزة، وهي التي تعتمد على الاستغاثة بغير الله أو الاعتقاد بضرٍّ أو نفعٍ من سواه، أو التي يُمارسها من يدّعي علم الغيب. وحذر من بعض الممارسات الخاطئة التي حولت الرقية إلى وسيلة للكسب المادي، مؤكدًا أن الرقية عبادة لا تجارة، وأنها لا تصح إلا بالتوحيد الخالص والنية الصادقة، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد».
«البلاء قد يكون تذكيرًا لا عقوبة»
وأشار المقبالي إلى أن الإنسان عندما يتعرض للبلاء أو المرض، ينبغي أن يبحث في الأسباب الباطنة قبل الظاهرة، مبينًا أن ما يصيب الإنسان قد يكون ابتلاءً من الله لرفع الدرجات أو تذكيرًا بوجوب العودة إليه، كما قد يكون أثرًا من آثار الذنوب. واستدل بقوله تعالى: «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير»، مؤكدًا أن التوبة والإنابة إلى الله قد تكون سببًا في رفع البلاء والشفاء، وأن الرقية الحقيقية تبدأ بإصلاح العلاقة مع الله قبل البحث عن الدواء المادي.
«الأوهام ليست علاجًا»
ودعا المقبالي إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة في المجتمع حول الرقية والعلاج، مبينًا أن كثيرًا من الناس يخلطون بين المرض الحقيقي والوهمي، وأن بعض الحالات التي تُعزى إلى «العين أو المس» إنما هي مشكلات نفسية أو صحية تحتاج إلى توازن بين الإيمان والعلم.وقال إن الاعتقاد بقدرة المخلوق على النفع أو الضرر يُعد خللًا في التوحيد، داعيًا الناس إلى التمسك بالقرآن والسنة، وطلب الشفاء بالطريقة الصحيحة القائمة على اليقين، والتوكل، والاتباع لا الابتداع.
خاتمة إيمانية
«القرآن شفاء القلوب والأبدان»
وختم الشيخ المقبالي حديثه بالتأكيد على أن الاستشفاء بالقرآن عبادة قلبية قبل أن تكون ممارسة لسانية، مشيرًا إلى أن «كلما كان القلب أوثق بالله كانت الرقية أنفع وأقرب إلى الشفاء بإذنه سبحانه»، داعيًا المستمعين إلى جعل القرآن رفيقًا دائمًا في حياتهم، فهو «هداية وشفاء ورحمة للمؤمنين».
لمتابعة الحلقة عبر الرابط التالي:
تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.
للانضمام: