وادي دوكة المدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي يشكل اللجنة الاستشارية العلمية للبحث وفهم وحماية وتعزيز استدامة كنوزه الطبيعية

الوصال - منذ آلاف السنين وتزدهر أشجار اللبان في وادي دوكة بمحافظة ظفار في جنوب سلطنة عُمان؛ إذ أن صلتها بالبشرية متجذرة منذ العصور القديمة. وعلى الرغم مما تمتلكه هذه المحمية من كنوز طبيعيٍة متأصلة، ما يزال في جعبتها المزيد للكشف عنه وفهمه ورعايته والحفاظ عليه بخطوات فعلية ملموسة.

وتتخذ دار أمواج خطوات حقيقية وهادفة ومستندة إلى أبحاث علمية ومنهجية أجُريت من جانب الخبراء المتخصصين من شركاء الدار. ولتعزيز هذه الجهود، تم تشكيل اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة لتكون بمثابة المحرك الذي يدعم طموحات أمواج لتحويل الموقع إلى مرجع عالمي للاستدامة والأخلاقية والشفافية في حصاد المكونات الطبيعية التي يعتمد عليها قطاع العطور.

وتتألف اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة من نخبة من المتخصصين والخبراء العالميين والعُمانيين حيث تضم الدكتور خالد الفارسي، خبير في البستنة، وسعاد الحارثية، المديرة التنفيذية لجمعية البيئة العُمانية، والدكتورة ليلى الحارثية، خبيرة في علم النبات، فضلاً عن توماس أندرو، نائب رئيس قسم التوريد المسؤول في شركة دي إس إم فيرمنيش.

وتتولى اللجنة القيام على إجراء دراسات علمية دقيقة على أشجار اللبان والبيئة المحيطة بها، لضمان فهم شامل للعوامل التي تؤثر على نموها واستدامتها. وستسهم نتائج هذه الدراسات في وضع إرشادات مستفيضة للممارسات اليومية، مما يساعد في رسم نهج مستدام يضمن الحفاظ على وادي دوكة وتطويره للأجيال القادمة.

وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور خالد الفارسي، خبير في البستنة: "يمثل وادي دوكة، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، موطنًا أصيلاً لأشجار اللبان التي تعد جزءًا لا يتجزأ من ثقافة وتراث عُمان العريق. ويحتضن الموقع آلاف أشجار اللبان التي ينمو أغلبها بشكل طبيعي منذ القِدم، مما يعزز مكانته كبيئة فريدة يجب حمايتها. وتهدف اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة إلى تقديم المشورة المتخصصة في مجالات الاستدامة، بما في ذلك الحفاظ على التنوع الحيوي، وتطوير أساليب الزراعة، وتعزيز التفاعل والمشاركة المجتمعية لضمان استمرار هذا الإرث الطبيعي."

وقالت سعاد الحارثية، المديرة التنفيذية لجمعية البيئة العُمانية: "لطالما حظيت أشجار اللبان بمكانة مميزة عبر العصور، لما تمتلكه من قيمة ثقافية وتراثية، فضلاً عن خصائصها الفريدة واستخداماتها في الطب والعطور والعناية بالبشرة. ومنذ تأسيسها، تكرس جمعية البيئة العُمانية جهودها لضمان الاستخدام المستدام لأشجار اللبان والحفاظ عليها. ومن خلال تشكيل هذه اللجنة، نرى أن أمواج تتخذ خطوات جادة وملموسة لترسيخ ممارسات الاستدامة في عملياتها، مما يعزز جهودها في حماية هذا الموقع الحيوي المُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي."

ومن جانبها، قالت الدكتورة ليلى الحارثية، خبيرة في علم النبات: " "وادي دوكة، لوحة خالدة تُجسد عظمة شجرة اللبان في تراث سلطنة عُمان الطبيعي والثقافي. إنه شاهدٌ حيّ على صمود هذا الإرث الثمين وأهميته. وانطلاقًا من دوري كعضو في اللجنة الاستشارية العلمية للموقع، أتشرف بالمساهمة في صون هذا الموقع الفريد، الذي أدرجته اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي. نعمل بتفانٍ على حماية هذا النظام البيئي المتكامل، ونحرص على تعزيز الممارسات المستدامة، لكي يبقى وادي دوكة رمزًا للعلاقة الأزلية بين الإنسان والطبيعة، ومصدر إلهام للأجيال القادمة. معًا، نطمح إلى نشر الوعي بأهمية هذا الإرث النباتي، ونحث العالم على المشاركة في حمايته، ليبقى إرثًا إنسانيًا نفخر به إلى الأبد."

وقال توماس أندرو، نائب رئيس قسم التوريد المسؤول في شركة دي إس إم فيرمنيش: "يشرفني الانضمام إلى اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة، فأنا مؤمن بأن التعاون هو الركيزة الأساسية لإحداث تأثير إيجابي ومستدام على نطاق أوسع. ومن خلال خبرتي في مجال الاستدامة المؤسسية والتوريد المسؤول، أتطلع إلى الإسهام في جعل وادي دوكة مركزًا رئيسيًا لتطوير اللبان المستدام في عُمان. ويعد وادي دوكة، المُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، واحدة من العجائب الطبيعية التي تجسد التراث البيئي الفريد لعُمان، والحفاظ على هذا الموقع ليس مجرد مسؤولية، بل فرصة لترسيخ ممارسات مستدامة تضمن استمرارية هذا المورد الطبيعي."

مهام اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة

تركز اللجنة بشكل أساسي على الحفاظ على التنوع الحيوي في وادي دوكة، شاملاً الغطاء النباتي والحياة الفطرية، مع العمل على تعزيز هذا التنوع وتطوير بيئة الموقع من خلال حلول مستدامة وقابلة للقياس.

النباتات: التركيز على شجرة اللبان

وتضع اللجنة شجرة اللبان في مقدمة أولوياتها حيث تركز على ضمان استدامة تقنيات وأساليب الحصاد المتبعة حاليًا، مع التأكد من عدم الإضرار بالأشجار والحفاظ على قدرتها على التجدد الطبيعي. ويشمل ذلك دراسة تحسين تقنيات النقر من خلال تقييم عدد مرات تكراره أو تعديل الجدول الزمني للحصاد لضمان توازن أفضل بين الإنتاج وحماية الأشجار. كما تبحث اللجنة في التنوع الجيني لأشجار اللبان في وادي دوكة، بهدف معرفة مدى تميز الحمض النووي لهذه الأشجار مقارنة بتلك الموجودة في مناطق أخرى بجنوب عُمان. وسيسهم هذا البحث في وضع استراتيجيات أكثر فاعلية لمواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ، والآفات، وتأثير العوامل الخارجية على صحة الأشجار ونموها. إضافة إلى ذلك، تدرس اللجنة تأثير الغبار على أشجار اللبان لمعرفة ما إذا كان يشكل تهديدًا على نموها أو على جودة الراتنج المستخرج منها، وذلك بهدف وضع معايير واضحة للحد من أي آثار سلبية محتملة.

ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل يشمل أيضًا فهم التنوع النباتي في الموقع - من النباتات والشجيرات إلى الأعشاب - التي تتعايش مع أشجار اللبان.

الحياة الفطرية

تشكل دراسة الحياة الفطرية في وادي دوكة جانبًا مهمًا لفهم التوازن البيئي في الموقع، حيث تركز الأبحاث على التنوع الحيواني، بما في ذلك الأنواع المحلية والوافدة، إضافة إلى الحشرات، وتأثيرها على الغطاء النباتي والموائل الطبيعية.

ويهدف هذا البحث إلى تحليل التفاعل بين هذه الكائنات والنظام البيئي في الوادي، مما يساهم في وضع استراتيجيات مستدامة للحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استمرارية البيئة الطبيعية في هذا الموقع الفريد.

المياه

تعد المياه أحد المحاور الرئيسية التي تركز عليها اللجنة، خاصة في بيئة صحراوية قاحلة وصخرية مثل نجد، حيث يقع وادي دوكة. وتشكل المياه الجوفية موردًا بالغ الأهمية تعتمد عليه المجتمعات المحلية في معيشتها، مما يستدعي ضمان استدامتها والحفاظ على جودتها. وتسعى اللجنة إلى تطوير حلول مستدامة تضمن كفاءة استخدامها مع اتخاذ تدابير للحفاظ على نقائها وتعزيز سبل إدارتها بشكل مسؤول.

ومنذ أن تولت أمواج رعاية موقع وادي دوكة، التزمت الدار بتطويره وفق نهج أخلاقي وشفاف ودقيق لضمان استدامته. ويشمل ذلك المتابعة المستمرة وجمع البيانات عبر قاعدة بيانات متخصصة وتطبيق رقمي، إلى جانب توظيف كوادر محلية، وإجراء عمليات فحص خارجية بالتعاون مع شركات متخصصة، إضافة إلى إبرام اتفاقية تعاون مع جمعية البيئة العُمانية عام 2024، في خطوة تعزز التزام أمواج بحماية هذا الموقع الفريد.

جدير بالذكر أن إنشاء وتشكيل اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة سيعزز من جهود البحث العلمي ويضع نظام عمل واضح لتنظيم هذه الجهود من خلال التوثيق والبحث. كما وستساهم اللجنة في فهم بيئة وادي دوكة بشكل أكبر ووضع استراتيجيات قابلة للتطبيق في العمليات والممارسات اليومية. وفي أمواج، تشكل هذه اللجنة خطوة جديدة من شأنها تحسين إدارة الموقع بالكامل وإبراز الالتزام التام بالتنمية المستدامة للموقع المدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات حول وادي دوكة من خلال زيارة الموقع الإلكتروني

www.wadidawkah.com.

--:--
--:--
استمع للراديو