4 إصدارات جديدة تتحدث عن "عٌمان في الوثائق العثمانية"
الوصال - أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أربعة إصدارات جديدة تتحدث عن "عٌمان في الوثائق العثمانية" ثلاثمائة وسبعون عاماً من العلاقات التاريخية. حيث ارتبطت سلطنة عُمان بتاريخ ممتد من العلاقات التاريخية مع الدولة العثمانية طول فترة حكم السلاطين العثمانيين، وتم الكشف عن عمق هذه العلاقات من خلال التدقيق في وثائق الأرشيف العثماني التي اُفرد لها ثلاثة مجلدات، وجاء الجزء الرابع بعنوان" العلاقات العُمانية التركية في وثائق الجمهورية التركية " تأكيد على العلاقة الطيبة بين البلدين. واستمراراً للبحث والتقصي عن الوثائق التي تربط سلطنة عُمان بجمهورية تركيا، حيث تم البدء بمشاريع مكثفة باستخدام أرشيفات الدولة في الجمهورية التركية، وفحص الوثائق الموجودة فيها بدقة كبيرة، ليتم نشرها في المستقبل في سلسلة من الإصدارات لتشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري.
افتتحت الإصدارات في مقدمتها بكلمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، إلى جانب كلمة لفخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، كما شملت الإصدارات مقدمة ومدخل إلى العلاقات بين الدولة العثمانية وعُمان، وفي هذه الإصدارات فحصت ودققت ثلاثة آلاف وثمان مائة وثمانية وثلاثين صورة للوثائق باللغات التركية العثمانية، والفرنسية والإنجليزية، وتم تضمين صور وملخصات واسعة عن عُمان وزنجبار والمنطقة المحيطة بها، الموجودة في الأرشيف العثماني.
الضوياني: إمبراطورية لها التأثير والتأثر
وفي مقدمة الإصدارات يقول سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: هناك عشرات الملايين من الوثائق والدفاتر الموروثة عن الدولة العثمانية التي حكمت منطقة جغرافية واسعة لأكثر من ست مائة عام. ويعد الأرشيف العثماني لرئاسة أرشيف الدولة الذي أُكمل تصنيفه إلى حد كبير ويقوم بنشاطه في اسطنبول، من الأرشيفات المهمة لتسليط الضوء لفهم تاريخ ما يزيد عن أربعين دولة مستقلة أو التي تحت النفوذ العثماني فضلا عن تاريخ جمهورية تركيا.
تعتبر المحفوظات والوثائق مرتكزات أساسية في مجال البحث العلمي والإبداع الفكري وهي أداة مهمة في التعرف على الجوانب الحضارية والتاريخية لأي بلد من البلدان في العالم ونتعرف من خلالها على حجم
العلاقات والتعاون القائم بين الدول في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وفي أحيان أخرى في المجالات الاجتماعية حيث تمدنا الوثائق والخرائط والتقارير المختلفة بالمعلومات الكفيلة بتقييم حجم العلاقات والوضع العالمي القائم ولهذا تشكل الوثائق أهمية لدى الدول التي أضحت توليها العناية الفائقة والاهتمام الكبير وانطلاقًا من ذلك فإنه بالنظر إلى التدقيق في وثائق الأرشيف العثماني يظهر لنا أهمية هذا الأرشيف الغني بوثائقه التي نشأت في ظل الدولة العثمانية على امتداد تاريخها لقرون عديدة شهدت أحداثا ووقائع وصراعاتٍ وصدمات ونشاطات تجارية واقتصادية ومصالح مشتركة مع العديد من الدول التي ظهرت خلال الفترات المختلفة لحقب الدولة العثمانية كالإسبان والبرتغال والهولنديين والألمان والفرنسيين والإنجليز والإيطاليين والبلجيكيين وغيرهم.
وقد شكلت المنطقة العربية جانبا من الصراع والتنافس بين الدول الأوربية والدولة العثمانية فضلًا عن الأحداث الداخلية ولهذا الغرض فإن الوثائق العثمانية مرجعا مهما لفهم الأحداث وتاريخ المنطقة العربية ولا غنى للباحثين والدارسين من الرجوع إلى هذا الكم الهائل من الوثائق والتقارير التي يحتفظ بها الأرشيف العثماني عن الحقبة الماضية وعليه فإن سلطنة عُمان التي ارتبطت بتاريخ ممتد من العلاقات التاريخية مع الدولة العثمانية وتزامن تلك الحقب الامتداد والتواصل العماني بشقيه عُمان في الشرق العربي وزنجبار في الجانب الإفريقي حيث شكلت عُمان بهذا الامتداد والاتساع الجغرافي إمبراطورية كان لها التأثير والتأثر من خلال علاقاتها الدولية وبطبيعة الحال فإن هذه العلاقات شابها دروبًا مختلفة ما بين ازدهار اقتصادي ووضع سياسي وصراع عسكري في المنطقة ألا إنها تميزت مع الدولة العثمانية بالمودة والتعاون والتفاهم والسلام والنظرة المشتركة للوضع العام في المنطقة وأحداثها وفي أحيان أخرى طلب الدعم والمساندة من قبل الدولة العثمانية وإعلان الاحترام لها والاعتراف بدورها في العالم الإسلامي وعلى وجه الخصوص فإن الصلات الحميمة التي ربطت بين سلاطين الدولة العثمانية وسلاطين سلالة دولة آل بوسعيد في كل من عُمان وزنجبار رغم بعد العواصم عن بعضها البعض لآلاف الكيلومترات حيث أظهرت الوثائق العلاقات المستمرة والاتصالات في نطاق واسع شملت مجالات مختلفة في الجوانب السياسية والدبلوماسية والتجارة الدولية والجوانب الاجتماعية وحظي سلاطين عُمان بمودة خاصة لدى سلاطين الدولة العثمانية من خلال الحفاوة والاستقبال والتقدير الذي نالوه خلال زياراتهم إلى إسطنبول كما أن حكام عُمان أولوا اهتمامًا وترحيبًا بالوفود العثمانية التي زارت كل من مسقط وزنجبار. وفي هذا الصدد تقوم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عُمان بإجراء دراسات مهمة بناءً على وثائق الدول التي لديها أرشيفات تاريخية في السنوات الأخيرة، فإن أحد المحفوظات المهمة التي يجب دراستها وفحصها هي المحفوظات العثمانية في تركيا التي تحتوي على آلاف الوثائق والسجلات عن عُمان وزنجبار. وفي هذه الدراسة فحصت ودققت ثلاثة آلاف وثمان مائة وثمانية
وثلاثين صورة للوثائق باللغات التركية العثمانية، والفرنسية والإنجليزية، وتم تضمين صور وملخصات واسعة عن عُمان وزنجبار والمنطقة المحيطة بها، الموجودة في الأرشيف العثماني الذي يواصل نشاطه تحت رعاية رئاسة أرشيف الدولة في جمهورية تركيا. إذ تم تفضيل الطريقة الأكثر شمولاً أثناء إعداد الملخصات التركية الموسعة للوثائق. في هذا الشأن، لم يُكتف بإعداد الملخص الواسع للوثائق وترجمتها إلى اللغة العربية واللغة التركية والإنجليزية. أما الوثائق باللغة الفرنسية والإنجليزية فقد ترجمت إلى اللغة العربية وأُعد ملخص شامل وفهرس مفصل بالموضوعات والمراسلات لتساعد الباحث في الرجوع إلى المعلومات التاريخية التي تضمنتها أجزاء هذا البحث العلمي والدراسات التاريخية لهذه الوثائق المهمة لتاريخ عُمان وزنجبار، قدمت التواريخ الهجرية والميلادية مع الأرقام المرجعية في نهاية الصفحة بناء على التسلسل الزمني. وقد تم تجنب تقسيم البلد والمواضيع بسبب العلاقة الوثيقة بين سلطنة عُمان وزنجبار والعلاقة بين الأحداث، لذا اعتمدت على التسلسل الزمني في الوثائق المكملة بعضها البعض وتم توحيد المفاهيم والأسماء المعبر عنها بشكل مختلف في الوثائق التي أُعدت باللغة التركية العثمانية أو لغات أخرى، كنموذج واحد بالإضافة إلى ذلك، كما تم توحيد أسماء الأماكن والأشخاص من خلال مراعاة تسمياتهم الدولية.
ولا شك، أن أرشيفات تركيا تحتوي على عدد كبير جداً من الوثائق المتعلقة بعمان وزنجبار. ومن المتوقع مواصلة العمل في دراسة الوثائق الدبلوماسية التي تتناول العلاقات بين جمهورية تركيا وسلطنة عُمان وهذا يؤكد على استمرارية العلاقات الودية التي تعززت بصورة أكبر خلال العقود الماضية في مجالات متعددة حيث فرد لهذا الأمر كتابًا خاصًا يظهر من خلاله العلاقات حجم ومجالاتها المتنوعة وتطلعات البلدين إلى تطويرها.
فعند النظر في وثائق الجمهورية التركية، سيكون واضحاً بأن روابط عائلية بين سلطنة عُمان والأتراك نشأة في عهد السلطان تيمور بن فيصل (۱۹۱۳ - ۱۹۳۲) فقد تزوج بامرأة تركية الأصل تدعى كاملة أكرالي وأنجب منها ابنه صاحب السمو السيد طارق، حيث تلقى سمو السيد طارق بن تيمور تعليمه في اسطنبول بين عامي ۱۹۲۹ و١٩٣٢ ثم ذهب إلى ألمانيا لتعلم اللغة. ويتضح في الوثيقة الأولى من الجزء الرابع في الإصدارات، أن سمو السيد طارق بن تيمور قد التحق بالمدرسة الثانوية الإنجليزية للبنين في إسطنبول في ٢١ سبتمبر ١٩٢٩. ويظهر في شهادة القيد المدرسي أن تاريخ ميلاد سمو السيد طارق في ٢ يوليو ١٩٢٢. وأن اسم والده هو تيمور بن فيصل بن تركي واسم والدته كاملة. أما تاريخ تركه المدرسة فهو يونيو ١٩٣٢.
كما جذبت عُمان المزيد من الاهتمام على الساحة الدولية مع تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه) الحكم عام ١٩٧٠، وأصبحت دولة مهمة في الشرق الأوسط مع سياسة الحياد التي اتبعتها. ونظرا
لوقوعها عند نقطة تقاطع طرق التجارة الدولية، فقد لاقت اهتمام جميع دول العالم إضافة إلى تركيا، ويُلاحظ من خلال وثائق الجمهورية التركية أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قد تطورت بشكل أكبر منذ ثمانينات القرن الماضي. ويعد القرار الصادر في 8 أغسطس ١٩٨٤ بشأن افتتاح قنصلية فخرية عامة في مدينة مسقط وتعيين جمال جنكيز أرجاصوي في منصب القنصل العام الفخري في مسقط في ١٠ سبتمبر ١٩٨٤ من بين التطورات الهامة في العلاقات بين البلدين. ولم يتم الاكتفاء بذلك، فقد تم زيادة مستوى التمثيل الدبلوماسي على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، ففي ٩ أكتوبر ١٩٨٤ صدر قرار من مجلس الوزراء بإغلاق القنصلية الفخرية العامة بمسقط وفتح سفارة بها، وفي ١٠ديسمبر ١٩٨٥ بـدأ أورهان کولین مهامه كسفير لجمهورية تركيا في مسقط. وبعد فترة قصيرة، وبالتحديد في عام ١٩٨٦، تولى عبدالله بن سعيد بن راشد البلوشي مهامه كسفير لسلطنة عُمان في أنقرة وقدم أوراق اعتماده إلى الرئيس كنعان إفرين في ٥ سبتمبر ١٩٨٦.