الوصال – قدّم المحلل السياسي أحمد الشيزاوي قراءة موسّعة في برنامج «منتدى الوصال» لمسار العلاقة بين الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» والصين، متسائلًا: هل خفّت حدّة الحرب الاقتصادية فعلًا أم أننا أمام «هدنة تكتيكية» سرعان ما تتبدّد؟ وأوضح أن ما جرى مؤخرًا من تقارب نسبي وتخفيضٍ لجزء من الرسوم الجمركية، واستمرار تدفّق «فول الصويا» و«المعادن النادرة»، يمنح الأسواق متنفسًا مرحليًّا لكنه لا يغيّر طبيعة التنافس البنيوي بين القوتين.

هل تغيّر المشهد؟
وبيّن الشيزاوي أنّ تخفيض الرسوم ينعكس سريعًا على مرونة سلاسل الإمداد والملاحة البحرية، ويرفع مستوى الاطمئنان في أسواق السلع والتقنية. غير أنّه أكد على أن الاتفاق أقرب إلى ترتيبٍ وقتي متبادل المنافع: واشنطن ترغّب بكين في مسارات محددة للصادرات، وبكين تحافظ على استقرار مكوّناتٍ استراتيجية للصناعة العالمية مثل «المعادن النادرة».

مَن المستفيد أكثر؟
وأشار إلى أنّ الصين تبدو «الأكثر استفادة» قياسًا بقدرتها على تنويع الشركاء وامتصاص الصدمات، لكن الولايات المتحدة تكسب وقتًا ثمينًا لإدارة ملفّات التضخم والوظائف، ومطاردة فجوات تفوّقٍ تكنولوجي لا تريد لبكين أن تغلقها.

أثرٌ على المستهلك؟
وأوضح أن المستهلك العادي قد يلمس انحسارًا في الكلف المرتبطة بالشحن ومدخلات الصناعة، ما ينعكس على أسعار الأجهزة الإلكترونية والهواتف. ومع ذلك، فإن «توترات التقنية»—من الرقائق إلى قيود التوريد—تبقى مصدر تقلب محتمل للأسعار والتوافر.

ماذا عن الخليج؟
وأكد أن دول مجلس التعاون - وعُمان ضمنها - مستوردٌ صافٍ للسلع والتقنيات، لذا تستفيد مباشرة من أي تسوية تخفّض كلفة النقل والمواد الخام. وكلّما تعزّز نمو الصين اتّسعت شهية الطلب على النفط والبتروكيماويات الخليجية، ما ينعكس على العوائد والاستثمارات.

حلقة تطويق؟
ولفت إلى أن واشنطن تعمل على نسج «حلقة تطويق» حول الصين تضم كوريا الجنوبية واليابان والفلبين وفيتنام، وأحيانًا الهند، لاحتواء نفوذ بكين في التجارة والتقنيات وسلاسل القيمة. مقابل ذلك توسّع الصين شراكاتها وتعيد توزيع صادراتها بعيدًا عن الارتهان للسوق الأمريكي.

تجاذبٌ روسي – صيني؟
وأوضح أن حرب أوكرانيا قرّبت موسكو وبكين، فبات الحديث عن صيغ تعاون أمني–اقتصادي آسيوي أكثر واقعية، وإن ظلّ محكومًا بالحذر واختلاف الحسابات. هذا التقارب يخلق إرباكًا استراتيجيًّا لواشنطن، لكنه لا يلغي التباينات التاريخية بين روسيا والصين.

أوروبا إلى أين؟
واعتبر أن الاتحاد الأوروبي يمرّ بـ«مفترق طرق»: أعباء الطاقة بعد تراجع الغاز الروسي، ومعاناة الصناعة — خصوصًا السيارات الألمانية — أمام المنافسة الصينية، وتبعية أمنية للناتو. قدرة أوروبا على الضغط في أوكرانيا محدودة، فيما تنعكس الحرب على تنافسيتها وكلفها الإنتاجية.

ورقة أوكرانيا؟
ورأى أن أوكرانيا أقرب إلى «ورقة تسوية» في لعبةٍ أوسع عنوانها الصين. قد تسعى إدارة أمريكية براغماتية لعقد تفاهماتٍ مع موسكو تُقلّص عمقها مع بكين، لكن ذلك يصطدم بواقع الداخل الأمريكي، وحسابات الناتو، ومخاوف أوروبا من فراغٍ أمنيّ شرقيًّا.

وتايوان الغائبة؟
ووصف ملف تايوان بأنه «مسمار دائم» يشرعن الوجود العسكري الأمريكي في غرب المحيط الهادئ. أي تصعيد هناك سيصيب سلاسل الشحن العالمية في الصميم، نظرًا لمركزية بحر الصين في حركة الحاويات والتجارة. ومع ذلك تتعامل بكين بمنهج «تجنّب الحرب»، مع تراكمٍ steady لقدراتها البحرية والتقنية.

اقتصاد بلا دم؟
وأكّد أن الصين تفضّل «الحرب بلا دم»: أدوات مالية وتجارية وتقنية بدل المواجهة المباشرة. فهي تجني المكاسب من توتراتٍ تخوضها أطراف أخرى، كما في البحر الأحمر أو أوكرانيا، وتستثمر أي نافذة تهدئة لإعادة تموضعٍ اقتصادي.

إيران وعُمان؟
وتوقّف عند المؤتمر الصحفي لوكيل الخارجية الإيراني في مسقط بشأن «حادثة مياهٍ معبّأة»، معتبرًا إياه «أزمة عابرة» قابلة للاحتواء دبلوماسيًّا. ووصف العلاقات العُمانية–الإيرانية بأنها «طيّبة ومتوازنة» تسمح بإدارة الطوارئ بلا كلفة سياسية.

هل هدأت الحرب؟
وخَلُص الشيزاوي إلى أن «هدوء الرسوم» ليس نهاية الصراع؛ إنه استراحةٌ في سباق طويل على التكنولوجيا والممرات البحرية وسلاسل القيمة. ستتقافز الأسواق مع كل جولة تفاوض أو زيارة رئاسية، فيما يبقى الخليج على تماسٍ مباشر: فرصٌ من انخفاض الكلف واتساع الطلب الآسيوي، وتحدياتٌ من أي ارتجاج جديد في بحر الصين أو مضائق الملاحة.

ما العمل خليجيًّا؟
وأوصى بتعميق تنويع الشركاء التجاريين، وتسريع تموضع عُمان في سلاسل التوريد اللوجستية والطاقات الجديدة، وتوسيع أدوات التحوّط المالي، ومراقبة دقيقة لتطورات التعرفة والرقائق، لأن «تفصيلًا واحدًا» في مفاوضات واشنطن–بكين قد يغيّر مسار الأسعار والاستثمارات في المنطقة.

لمتابعة حلقة «منتدى الوصال» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو