مهرجان الموسيقى العربية يكرم السيد خالد بن حمد..٤٠ عاماً من الألحان الخالدة
كرم مهرجان الموسيقى العربية الليلة بدار الأوبرا المصرية الموسيقار السيد خالد بن حمد البوسعيدي تقديراً لمسيرته اللحنية والفنية التي تجاوزت الأربعين عاماً
الوصال - كرم مهرجان الموسيقى العربية الليلة بدار الأوبرا المصرية الموسيقار السيد خالد بن حمد البوسعيدي تقديراً لمسيرته اللحنية والفنية التي تجاوزت الأربعين عاماً.
الملحن السيّد خالد بن حمد البوسعيدي مسار إبداع أصيل يستمر
تأتي الموسيقى في أول إهتمامات وهوايات الملحن السيد خالد بن حمد البوسعيدي . فهو إضافة لكونه شخصية إجتماعية معروفة، فإنه أيضاً يعتبر أشهر ملحن عماني نظراً لإسهاماته العديدة في هذا المجال على الرغم من كونها إسهامات تأتي في إطار الهواية.
فهو مهتم كثيراً بالفنون الموسيقية المختلفة سواءً العمانية أو العربية أو العالمية . وقد بدأ إهتمامه بالموسيقى مذ كان في المرحلة الإبتدائية من الدراسة حيث إنضم إلى فرقة الموسيقى المدرسية وأخذ يمارس العزف على آلة الأكورديون وآلة الدرمز. كما كانت له مشاركات عديدة في المسرحيات المدرسية الإستعراضية وكذلك الدرامية. وفي مرحلة لاحقة أحب أن يتعلم آلة العود ثم بدأ يلحن أول أعماله مذ كان في الثامنة عشرة من عمره أي في العام ١٩٨٢م حتى أصبح له أكثر من مئتي عمل موسيقي حتى الآن في مختلف مجالات الأغنية والأعمال الموسيقية التلفزيونية و المسرحية و الإستعراضية ، كما لحّن لعدد من المطربين العمانيين والعرب وأصبح له لونه المتميز في عمان لاسيما في مجال الأغنية الوطنية والأعمال الإستعراضية.
من أهم الألحان التي قدمها اللوحات الإستعراضية والأناشيد الخاصة بعام القطاع الخاص العماني في إحتفالات العيد الوطني عام ١٩٩٨م و أغاني وطنية عديدة إختمرت في ذاكرة العمانيين . وقد غنّى له عدد من فناني عمان أمثال سالم بن علي و آسيا الكندي و أحمد الحارثي ومحمد المخيني وعبدالله الشرقاوي وسالم اليعقوبي ,صلاح الزدجالي، أيمن الناصر، حكم عايل، عائشة الزدجالية، كما ساهم السيد خالد في تأسيس مهرجان الأغنية العمانية والإشراف عليه وعمل على إكتشاف وصقل مواهب العديد من الاسماء الغنائية العمانية الصاعدة أمثال فهد البلوشي، أشواق، هيثم المعشني واخرين.
أما من فناني الوطن العربي فقد غنّى له فنان العرب محمد عبده والفنان الكبير أبوبكر سالم والفنانين عبدالمجيد عبدالله، نوال الكويتية، راشد الماجد، ماجد المهندس، عبدالله الرويشد، أحلام، أصالة، لطيفة رجاء بالمليح، أسماء لمنور، آمال ماهر، علي بن محمد، بلقيس، شذى حسّون، فؤاد عبد الواحد، أنغام، جنّات، أميمة طالب وغيرهم.
إضافة إلى كونه ملحن، فهو يجيد العزف على آلة العود والكيبورد ومارس العزف على آلات الأكورديون والقانون وعدد من الآلات الإيقاعية . تعاون خلال مسيرته الفنية مع عدد من الشعراء منهم : عوض بن بخيت العمري، عبدالله بن صخر العامري، ذياب بن صخر العامري، سالم بن عبدالله الصومالي ، سالم بن ناصر العمري، علي الصومالي، إبراهيم شعراوي، سعيد الصقلاوي، سعيدة بنت خاطر الفارسي، إبراهيم بن حمود الصبحي، عبدالله حمود الصقلاوي ، سهام الشعشاع ، الدكتور ناصر البدري ، سعيد البرعمي ، خميس المقيمي ، يوسف الكمالي ، ابراهيم السالمي ، احمد محمد المعشني ، الدكتور هيثم البوسعيدي ، طارش قطن وغيرهم.
ابتدأ مشواره الموسيقي في التلحين عندما كان طالباً يدرس في العاصمة البريطانية لندن وكان اول موزع موسيقي تعامل معه هو الاستاذ أشرف السركي الذي يعتبره معلمه الاول في مجال الموسيقى. بعد ذلك تعاون مع عدد من أهم وأشهر الموزعين الموسيقيين العرب والأجانب من بينهم ميشيل المصري وعبدالعظيم حليم وإبراهيم الراديو وفرتان ملكونيان وأمير عبدالمجيد ووليد فايد وسيروس وعصام الشرايطي.
بالإضافة إلى ذلك فقد كانت له محاولات جادة في كتابة الشعر الغنائي . حيث بدأ مسيرته في التلحين شاعراً غنائياً أيضاً ، وذلك عندما ظهرت له أول أغنيتين من ألحانه في عام الشبيبة العمانية ١٩٨٣م في تلفزيون سلطنة عمان وكانتا من كلماته أيضاً وهما بعنوان "تحية حب" و"القبس المنير" . إلا أنه آثر الإبتعاد عن كتابة الشعر الغنائي والتركيز على التلحين.
ومن طموحاته في هذا المجال أن يلحن أعمالاً درامية غنائية تؤسس لمسرح غنائي في عمان وتساهم في نهضة المسرح الغنائي العربي داخل الوطن العربي وخارجه.
مدرسته اللحنية
ينتمي إبداع السيد خالد بن حمد البوسعيدي الموسيقي إلى مدرسة التراث بكل الحب الممكن ، حيث يغرف مفرداته الموسيقية وجمله اللحنية من تراث فني عماني ضارب في الجذور يعكس تنوعاً لافتاً في الفنون الشعبية في مختلف أرجاء سلطنة عمان . لكن هذا الحب يتقّد بشغف بالغ مع محاولات السيد خالد المستمرة لتطويره بإستمرارا عبر مزاوجة لحنية جديدة ، وتناغم في حضور الالات الموسيقية ماضياً وحاضراً. والملاحظ هنا حرص الملحن على الوفاء الدائم للإيقاع في الجمل اللحنية هذا الإيقاع الذي يعتمد على آلتين إيقاعتين هما الأشهر حتى اليوم في عمان وهما الكاسر والرحماني ، مع مجموعة متنوعة أخرى من آلات الإيقاع التي دخلت حديثاً .
في الجانب الآخر فإن الملحن السيد خالد بن حمد البوسعيدي يتقن بشكل لافت تفاصيل الفنون العمانية التقليدية ، هذه الفنون التي تعكس حياة العمانيين بكل تفاصيلها المعاشة والتي تشكّل بمجموعها ذخيرة فنية حيّة في الذائقة الفنية العمانية .
ينفرد الملحن السيد خالد بن حمد البوسعيدي بأسلوب مختلف يعكس مدى الاستفادة من المقامات الموسيقية وتعدد الإيقاع ضمن رؤية جديدة في التوزيع الموسيقي ، وصولا لهوية خاصة باللحن أساسها التحدي وشغف اللحن المبتكر والمختلف .
إهتمامه بالمواهب
أسّس إطلاق شركة "سابكو للفنون" في ثمانينيات القرن الماضي بدء مشروع الأخذ بأيدي المواهب العمانية الشابة وتقديم الدعم الفني والمادي لتبدأ مسيرة العطاء في مجال الأداء والتلحين إضافة لدور الشركة الرائد في تولي مهمة إنتاج الألبومات الغنائية لهؤلاء وفق أحدث الإمكانيات الفنية لذلك الزمان ، مع تنفيذ الحملات الترويجية والإعلانية المناسبة.
هذا النهج استمر عند الموسيقي والملحن السيد خالد بن حمد البوسعيدي حتى وقتنا الحاضر فكان دوره البارز في التأسيس والانطلاقة للعديد من دورات مهرجان الأغنية العمانية إضافة لاستمرار بحثه عن المواهب الفنية لدى الشباب والشابات في سلطنة عمان بكل جغرافيتها الممتدة ، وهناك الكثير ممن يتصدر الساحة الغنائية في سلطنة عمان اليوم يدين بالفضل لحضور "سابكو للفنون" وللسيد خالد بن حمد البوسعيدي الذي لم يتوقف جهده في هذا المجال فاستثمر وسائل التقنية الحديثة من خلال أذرع التواصل الاجتماعي وأنجز مسابقة فنية متكاملة للموهوبين عبر منصة " انستغرام" التي حفلت بمحموعة متميزة من المشاركات في مجالات عدة ، كان الغناء إحداها وهي المسابقة التي أبرزت مجموعة من المواهب العمانية في شتى مجالات الإبداع الإنساني.
يحمل السيد خالد شهادة الماجستير في ادارة الاعمال من كلية هينلي للادارة بالمملكة المتحدة . وتقديراً لادواره المتميزه في المجتمع العماني حصل السيّد خالد بن حمد البوسعيدي على وسام عُمان المدني من السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه في عام ٢٠٠٩م سلّمه إياه جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم سُلطان عُمان عندما كان جلالته وزيراً للتراث والثقافة آنذاك.
الليلة العمانية
في هذه الليلة الجميلة بصحبتكم نلقي الضوء على طموح موسيقي يستعيد إيقاع الماضي وينسجه مع إيقاع الحياة المعاصرة، من خلال مجموعة مختارة من الأغاني العُمانية نسجها لحناً مؤلف موسيقي وملحن عماني هو السيد خالد بن حمد البوسعيدي الذي احتفل في عام ٢٠٢٣م بمرور ٤٠ عامًا على بداية اشتغاله في مجال التلحين الذي لايزال يعتبره في اطار الهواية والاهتمام بالموسيقى بشكل عام.
وعلى مدى أكثر من ٤٠ عاماً، اشتغل الملحن السيد خالد بن حمد على تجديد الأغنية العمانية وتطويرها وانتشارها بطريقة مختلفة مقارنة بما كان سائداً من قبل. حيث جدّد في ألحانه من طريقة صناعة الأغنية في عُمان ومن أساليب تقديمها ونشرها دون إغفال لهويتها العربية وألوانها الغنائية العريقة، ولكن في تجانس راقٍ جمع بين الأصالة والتجديد والهويّة والتطوير في إطار أكثر شمولية. وقد شكّلت منهجيته التلحينية نموذجاً يُحتذى به من قبل الفنانين والملحنين في سلطنة عُمان حتى غدت ألحانه بمثابة مدرسة لحنية مميزة وأيقونات وطنية يرددها العمانيون على مختلف أذواقهم نظراً لاختلافها وتميزها ببصمة خاصة به. ولعل ميزة هذا المبدع تكمن في ذكائه في إنتقاء المفردة الشعرية وتكييفها مع مخيّلته اللحنية الواسعه واختياره الموفق في الصوت أو الأصوات التي تؤدي ألحانه. كما اشتغل السيد خالد بن حمد على توسيع رقعة استخدام الإيقاعات والمقامات الموسيقية العربية والغربية في ألحانه بشكل مُلفت، واستعان بأفضل الموزعين الموسيقيين عبر مسيرته الفنية الطويلة لينسج أعمالاً حملت بصمة موسيقية خاصة به، لا سيّما عندما توجّه إلى التوزيع الأوركسترالي السيمفوني لمعظم ألحانه الوطنية، مما يجعلنا أمام مُلحّن عربي متفرّد بفكر موسيقي منفتح على العالمية.
وفي الليلة العمانية أردنا تقديم نماذج من الأغاني والموسيقى العُمانية من ألحان المُلحن العُماني السيد خالد بن حمد البوسعيدي، والذي يُكرّمه مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الثاني والثلاثين هذا العام كأحد روّاد الموسيقى في الوطن العربي احتفاءً بمسيرته الفنية الممتدة لأكثر من ٤٠ عاماً. ويسرنا أن نُقدّم هذه الأعمال الغنائية والموسيقية في إطارٍ أوركسترالي سيمفوني بمشاركة ١٣٠ عازفاً موسيقياً وإيقاعياً ومُنشداً من عُمان ومصر، وبوجود ١٥ فناناً وفنانة من عُمان والمغرب ومصر وتونس يقدمون ١٨ أغنية وأنشودة كاملة، إضافة إلى مقاطع من ٢٦ أغنية أخرى ستُقدم كمُقتطفات ضمن ميدليات منوعة مما يجعل إجمالي الألحان المُقدمة ٤٤ لحناً بمُصاحبة ١٦ راقصاً وراقصة يؤدون فنوناً شعبية متنوعة من سلطنة عُمان. وقد تم إعادة التوزيع الموسيقي لجميع هذه الألحان ليتماشى مع حجم ونوعية فرقة الأوركسترا السيمفونية المُشاركة من جمهورية مصر العربية بقيادة المايسترو الكبير الأستاذ أمير عبدالمجيد الذي قام كذلك بإعادة التوزيع الموسيقي للألحان.