الوصال - محمد السعدي 

يشهد العالم اليوم تطورًا سريعًا في تكنولوجيا الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثرت هذه التكنولوجيا بشكل كبير على المجتمع ووسائل الإعلام وفي هذا المقال، سنستكشف دور تطور تكنولوجيات الاتصال والميديا الاجتماعية في تشكيل وسائل الإعلام في عصر ما بعد الحقيقة.

توسع نطاق الوصول وتباين المصادر:

تكنولوجيا الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي قد أتاحت فرصًا للوصول إلى المعلومات بشكل أوسع وأسرع. يمكن للأفراد الآن الاتصال بمصادر متنوعة ومتعددة، بدءًا من الصحف التقليدية وحتى المدونات الشخصية ومنصات التواصل الاجتماعي. وهذا التوسع في نطاق الوصول أدى إلى زيادة التنوع والتباين في المصادر المعلوماتية، مما يعزز ظاهرة "ما بعد الحقيقة" حيث يصعب تحديد مصدر الخبر وتحقق صحته.

انتشار الأخبار الزائفة والتضليل:

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل للأفراد نشر الأخبار الزائفة والتضليلية، وهذا يعرض وسائل الإعلام لتحديات كبيرة. يمكن للأفراد إنشاء حسابات مزيفة ونشر معلومات غير صحيحة بهدف تشويه الحقائق وتوجيه الرأي العام بطرق غير أخلاقية. وبالتالي، يتعين على الجمهور أن يكون حذرًا وقادرًا على تمييز الأخبار الزائفة عن الحقائق المؤكدة.

تفاعلية ومشاركة المعلومات:

تكنولوجيا الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي أعطت الأفراد قدرًا كبيرًا من التفاعلية في عملية الإعلام. يمكن للأفراد الآن المشاركة في إنتاج المحتوى، ونشر الآراء والتعليقات، والتفاعل مع الأخبار والأحداث بشكل فوري. وهذا يؤثر على شكل وسائل الإعلام التقليدية، حيث يتم تحويل الإعلام إلى تجربة تفاعلية ومشاركة بين الجمهور والصحفيين.

التأثير على الثقة والمصداقية:

مع وجود تنوع المصادر وانتشار الأخبار الزائفة، يتعرض مفهوم الثقة والمصداقية في وسائل الإعلام لتحديات كبيرة. يعتمد الجمهور اليوم على مصادر متعددة ويشكك في صحة المعلومات التي يتلقاها. وهذا يضع تحديًا أمام وسائل الإعلام للحفاظ على مصداقيتها وبناء الثقة مع الجمهور.

في نهاية المطاف، يمكن القول بأن تطور تكنولوجيا الاتصال والميديا الاجتماعية قد أحدث تحولًا كبيرًا في وسائل الإعلام وشكلها في عصر ما بعد الحقيقة. يتطلب ذلك من الجمهور أن يكون حذرًا ونقديًا تجاه المعلومات التي يتلقاها، ومن وسائل الإعلام أن تعمل على بناء الثقة والمصداقية من خلال تقديم محتوى ذو جودة عالية والتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها. إن فهم دور هذه التكنولوجيات في تشكيل وسائل الإعلام ما بعد الحقيقة يساهم في تعزيز الوعي والتحلي بالقدرة على التفكير النقدي في عصر المعلومات الرقمية.

للكشف عن الأخبار الزائفة والشائعات، يمكنك اتباع بعض الخطوات والنصائح التالية:

- التحقق من المصدر: قبل تداول أي خبر أو معلومة، تأكد من مصدرها. ابحث عن مصادر موثوقة ومعروفة، مثل وسائل الإعلام الموثوقة أو المؤسسات الرسمية. قد تحتاج إلى التحقق من صحة الخبر من خلال مواقع التحقق من الأخبار الزائفة مثل Snopes أو FactCheck.org.

- تحليل المحتوى: قم بتحليل المحتوى المقدم في الخبر. ابحث عن أية أدلة أو مصادر تدعم الادعاءات المذكورة في الخبر. قد يساعد البحث في المواقع الأخرى أو قواعد البيانات على التحقق من صحة المعلومات المقدمة.

- تقييم العنوان والعناوين الفرعية: قد يكون للعناوين المضللة أو الزائفة تأثير كبير على تشويه الحقائق. قم بقراءة العنوان والعناوين الفرعية بعناية وتحليلها قبل قبولها بوصفها حقيقة.

- التحقق من الصور والفيديوهات: يمكن أن تكون الصور والفيديوهات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي مفبركة أو مأخوذة من سياقها الحقيقي. قم بإجراء بحث عكسي للصور أو استخدم أدوات التحقق من صحة الصور مثل Google Reverse Image Search للتحقق من مصدرها وتاريخها.

- تحليل اللغة والأسلوب: قد تحتوي الأخبار الزائفة على أخطاء لغوية بارزة أو أسلوب مبالغ فيه. قم بتحليل اللغة المستخدمة والأسلوب العام للتأكد من مصداقية الخبر.

- مشاركة المعلومات بحذر: قبل مشاركة أي خبر أو معلومة، تأكد من صحتها ومصداقيتها. تجنب المساهمة في نشر الأخبار الزائفة أو الشائعات التي قد تسبب ضررًا للآخرين أو تزيد من انتشار المعلومات غير الصحيحة.

- التوعية الرقمية: اكتسب المزيد من المعرفة حول كيفية اكتشاف الأخبار الزائفة والاشاعات من خلال قراءة المقالات والموارد التعليمية المتاحة عبر الإنترنت. هناك العديد من الجهات الموثوقة التي تقدم نصائح وإرشادات للتعامل مع الأخبارالزائفة والشائعات، مثل موقع مبادرة الحقيقة الدولية (International Fact-Checking Network) ومشروع الشائعات (Rumor Control) التابع لمنظمة الصحة العالمية.

باختصار، الكشف عن الأخبار الزائفة يتطلب الحذر والتحليل الدقيق للمعلومات المتاحة. يجب أن تكون حذرًا قبل أن تصدق أي خبر أو معلومة وتتأكد من صحتها من مصادر موثوقة قبل مشاركتها مع الآخرين.

هناك العديد من المنظمات والمؤسسات في الوطن العربي والعالم التي تسعى جاهدة للكشف عن الحقائق والشائعات المضللة. وفيما يلي بعض المنظمات المعروفة في هذا المجال:

- مبادرة الحقيقة الدولية (International Fact-Checking Network): تعد جزءًا من مؤسسة بوينتر للصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتهدف إلى تعزيز الصحافة الحرة والشفافة من خلال دعم جهود التحقق من الحقائق ومكافحة الأخبار الزائفة حول العالم.

- منظمة الصحافة الدولية (International Press Institute): تعمل على دعم حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين في جميع أنحاء العالم. تعزز المنظمة النقاش والبحث حول الأخبار الزائفة والشائعات وتوفر موارد للصحفيين للتعامل مع تحديات نشر الأخبار الموثوقة.

- مشروع الشائعات (Rumor Control): مبادرة تابعة لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، تهدف إلى مكافحة الشائعات والمعلومات الزائفة المتعلقة بالصحة العامة، وخاصةً خلال الأوقات الطارئة مثل جائحة كوفيد-19. يوفر المشروع معلومات موثوقة ونصائح للجمهور لمساعدتهم في تفادي الشائعات المضللة.

- منظمة الشبكة العربية لمعلومات الحقوق (ANHRI): تعمل على دعم حرية التعبير وحقوق الإنسان في العالم العربي، وتسعى للتصدي للشائعات والأخبار الزائفة والتضليلية من خلال توفير المعلومات والتوعية والتوجيه.

- منظمة الشفافية الدولية (Transparency International): تركز على مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في الحكومات والمؤسسات. تعمل المنظمة على كشف الحقائق ونشر المعلومات الصحيحة لمكافحة الشائعات والمعلومات المضللة المتعلقة بالفساد.

هذه مجرد أمثلة قليلة من المنظمات والمؤسسات المعروفة التي تعمل في مجال الكشف عن الحقائق ومكافحة الأخبار الزائفة. هناك المزيد من المنظمات والفرق العاملة في هذا المجال، ويمكن البحث عنها بناءً على البلد أو القضايا المحددة التي تهمك.وعلى مستوى الوطن العربي فقد اوجد الحاجة ضرورة وجود هذه المنظمات والمؤسسات التي تعمل من خلال فرقها وادواتها ومحدداتها على تصحيح الأخطاء التي ترتكب في سيل التفق المعلوماتي عبر منصات التواصل الاجتماعي ومن ابرز هذه الموسسات على سبيل المثال لا الحصر

*منصة فتبينو وهي منصة  أردنية مستقلة عام 2014، وهي تتخصص في التحقق من صحة الأخبار وتنقية المحتوى الالعربي على الإنترنت من الأخبار الزائفة والإشاعات. تهدف هذه المنصة إلى توفير مصادر موثوقة وموثوقة للمعلومات للجمهور العربي. تعمل المنصة على تحليل وفحص المحتوى المنشور عبر العديد من المصادر، وتقديم تقارير موثوقة وشاملة حول صحة هذا المحتوى. بفضل جهودها في مجال التحقق من الأخبار، تعتبر هذه المنصة أحد الرائدة في مجال مكافحة الأخبار الزائفة وتعزيز الوعي الرقمي في العالم العربي.1

*هيئة مكافحة الإشاعات تأسست كمشروع مستقل في عام 2012، وتهدف إلى مكافحة الإشاعات والفتن والحد من تأثيرها الضار على المجتمع. تعمل الهيئة عن طريق كشف وفضح الأفراد والجهات التي تروج للأكاذيب وتهدف إلى تحريض الرأي العام، وذلك من خلال نشر الوعي وتوضيح الحقائق باستخدام مصادر رسمية وموثوقة. يتم تحقيق هذا الهدف من خلال تحليل وتقييم المعلومات المنتشرة وتقديم توضيحات دقيقة وشاملة للجمهور. تعتبر هيئة مكافحة الإشاعات جهة رائدة في مجال التصدي للأخبار الكاذبة وتعزيز الوعي العام بأهمية التحقق من المعلومات قبل نشرها.2

*تأسست منصة تأكد الإعلامية في سوريا في بداية عام 2016، وهي منصة مستقلة وغير متحيزة تختص في التحقق من الأخبار والمعلومات. تم إنشاء هذه المنصة لمواجهة انتشار المعلومات المضللة والتضليلية. تهدف منصة تأكد إلى تحقيق مجتمع ديمقراطي يكفل حق الجمهور في الوصول إلى الحقيقة بدون تشويه أو تضليل. تعمل المنصة على تحليل وفحص المعلومات والأخبار المنشورة، وتقديم تقارير دقيقة وموثوقة للجمهور. تسعى المنصة إلى تعزيز الوعي العام بأهمية التحقق من المعلومات وتوفير مصادر موثوقة للحقائق، بهدف بناء مجتمع يعتمد على المعرفة والمصداقية.3

*منصة "متصدقش" المصرية هي مبادرة شبابية تهدف إلى مكافحة التأثير الضار للأخبار المفبركة والقصص المزيفة والمعلومات المضللة على المجتمع المصري. تعمل المبادرة على ذلك من خلال منصات الإعلام المصري ومواقع التواصل الاجتماعي. يضم فريق المبادرة باحثين وصحفيين ومصممي جرافيك ذوي خبرة. يهدف الفريق إلى توسيع نطاق المبادرة وزيادة وعي الجمهور من خلال تواجدها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي. المبادرة تعمل على توفير معلومات موثوقة وتوضيح الحقائق للمستخدمين، وتشجيع التفكير النقدي والتحقق من المصادر قبل تداول المعلومات.4

تنبيه القطرية هو منصة متخصصة تم إطلاقها بواسطة معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة حمد بن خليفة. تهدف هذه المنصة إلى كشف الأخبار المزيفة المتعلقة بفيروس كورونا المستجد والتي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي باللغتين العربية والإنجليزية. بالإضافة إلى ذلك، تقدم المنصة تطبيقًا متعدد اللغات يساعد المصابين بأعراض الفيروس. يهدف التطبيق إلى توفير المعلومات الصحيحة والموثوقة للمستخدمين وتقديم الدعم للأشخاص المصابين بأعراض فيروس كورونا. تعتمد المنصة على التكنولوجيا والأبحاث العلمية للكشف عن الأخبار الزائفة وتقديم مصادر موثوقة للمعلومات الصحية.5

"فالصـو" هي منصة رقمية بحثية تعمل في ليبيا على مراقبة جودة المحتوى الصحفي. تهدف المنصة إلى رصد المخالفات المهنية المتعلقة بخطاب الكراهية والتحريض ومكافحة الإشاعات والأخبار المضللة. تتبع المنصة منهجية بحثية تستند إلى المبادئ الأخلاقية لقيم الصحافة والإعلام الحر والمسؤول. تهدف المنصة أيضًا إلى تشجيع الجمهور الليبي على المساءلة الإعلامية والإبلاغ عن المعلومات المضللة، بهدف تحقيق التربية الإعلامية. تعتبر "فالصـو" أداة هامة لتعزيز الممارسات الصحفية المهنية وتعزيز الشفافية والمصداقية في المشهد الإعلامي الليبي.

 كما يوجد هناك العديد من الأدوات والخوارزميات والتطبيقات التي يمكن استخدامها للمساعدة في كشف الأخبار الزائفة والمضللة. وفيما يلي بعض الأمثلة المعروفة:

أدوات التحقق من الحقائق (Fact-Checking Tools):

FactCheck.org: يقدم تقارير وتحقق من الأخبار والبيانات السياسية في الولايات المتحدة.

Snopes: يقدم تحققًا من الشائعات والأخبار الزائفة والأفكار المغلوطة.

Politifact: يركز على مراقبة صحة البيانات والأقوال السياسية في الولايات المتحدة.

خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة:

ClaimBuster: يستخدم تقنيات تعلم الآلة لتحليل خطابات السياسيين وتحديد الادعاءات المحتملة للتحقق منها.

Hoaxy: يسمح للمستخدمين بتصور الانتشار المحتمل للأخبار الزائفة على وسائل التواصل الاجتماعي.

Botometer (previously known as BotOrNot): يستخدم لتحديد ما إذا كان حسابًا على وسائل التواصل الاجتماعي مدارًا بواسطة برنامج حاسوبي أو شخص حقيقي.

تطبيقات الهاتف المحمول:

NewsGuard: يوفر تقييمًا للأخبار والمواقع الإخبارية من خلال فريق من الصحفيين المحترفين.

Factitious: لعبة على الهاتف المحمول تساعدك على تحسين قدرتك على التعرف على الأخبار الزائفة.

WhatsApp Business: تطبيق للأعمال يوفر خاصية التحقق من هوية العمل التجاري لتقليل انتشار الأخبار الزائفة عبر المنصة.

هذه مجرد بعض الأمثلة، وهناك المزيد من الأدوات والتطبيقات المتاحة. تذكر أنه رغم فعالية هذه الأدوات والخوارزميات، قد تحتاج دائمًا إلى التحقق البشري واستخدام الحكم الشخصي لتقييم صحة الأخبار والمعلومات.

--:--
--:--
استمع للراديو