الوصال ــ قدّم الإعلامي عبدالعزيز السعدون في حديثه لـ «منتدى الوصال»، قراءةً سياسية موسّعة حول منتدى عشق آباد وصلته بملفات السلام، رابطًا بين اشتعال الجبهتين الأوكرانية والشرق أوسطية وتأثيرهما في مسار الأمن الدولي.

ربط الملفات ومكانة الحوار غير الرسمي

استهلّ السعدون مداخلته بالتأكيد على أن «دمج» الملفين الأوكراني والشرق أوسطي «مُبرّر وواقعي» بحكم تزامن حرائق الجبهات وتداعياتها العابرة للحدود، لافتًا إلى أن المنتديات ذات الطابع الشعبي والفكري «تُغني» المسار الرسمي وتزوّده بمرئيات وأفكار تُسهم في بناء التفاهمات. وأوضح أن الخليج «بوصلة الاستقرار»، مشيرًا إلى أن ازدهار المنطقة واستقرارها «ينعكسان على محيطها بأكمله».

أوكرانيا وأوروبا بين اقتصاد الحرب وحسابات المصالح

وانتقل السعدون إلى الملف الأوكراني، موضحًا أن مقاربة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب «تحكمها عقلية رجل الأعمال» الذي ينظر إلى القضايا بمنطق «السوق والعرض والطلب»، معتبرًا أن أوروبا «تورّطت» في مشروع واشنطن عندما قطعت إمدادات الغاز الروسي، فاهتزّت صناعاتها ودخلت مرحلة اقتصادية صعبة. وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «كان قادرًا على حسم الحرب سريعًا»، لكنه اختار «استنزاف الغرب، خاصة أوروبا»، بينما «استُنفدت» مخازن السلاح الغربية وتفاقمت الأزمات المالية.

أوروبا بين الإنهاك والارتهان المالي

وبيّن السعدون أن القارة الأوروبية «تعيش أزمة حقيقية» بعدما تحولت من دول منتجة إلى دول «تئنّ تحت عبء الديون»، مستعرضًا أوضاع فرنسا وألمانيا وبريطانيا، التي كانت تُعرف بالقوة والاستقرار وأصبحت «تواجه أزمات داخلية حادة». وتوقع أن تضطر أوروبا في النهاية إلى اللجوء إلى «البنك الدولي وصندوق النقد الدولي»، مما يجعلها أقرب إلى «دول العالم الثالث»، على حد وصفه.

محاور القوة.. روسيا لا تخسر والصين تتمدد بهدوء

وأشار السعدون إلى أن روسيا «لم تتضرر جوهريًّا من الحرب»، بل كسبت سياسيًّا واقتصاديًّا، مستفيدة من تحالفاتها مع الصين والهند، فيما «تستخدم بكين قوتها الناعمة» للتمدد في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا. وأوضح أن الهند «أدركت حدود التحالف مع واشنطن»، وأن «من يتغطى بأمريكا عريان»، مستشهدًا بالمقولة التي تُنسب إلى الرئيس المصري الراحل حسني مبارك.

روسيا بين الشرق والغرب

ولفت إلى أن روسيا، رغم قربها الجغرافي من أوروبا، «تميل في هويتها إلى الشرق»، وأن 90 بالمئة من أراضيها تقع في آسيا، مضيفًا أن العالم اليوم يتجه نحو «تكتل آسيوي جديد» يضم الصين والهند وإندونيسيا وماليزيا وكوريا الشمالية وغيرها، في إطار مشاريع اقتصادية كبرى مثل «طريق الحرير».

منتدى عشق آباد وشعار السلام والثقة

وأشاد السعدون بانعقاد منتدى عشق آباد ضمن فعاليات «العام الدولي للسلام والثقة»، مبينًا أن مثل هذه المنتديات «تعكس رغبة الأمم المتحدة في استعادة دورها» عندما تبتعد المنظومة الدولية عن مسارها. واعتبر أن العقود الأخيرة «شهدت حروبًا وكوارث إنسانية» كان من المفترض أن تتجنبها القوى الكبرى التي يفترض بها «حماية السلم العالمي».

الحياد الإيجابي والسياسة العُمانية

وأكد السعدون أن «النهج العُماني في الحياد الإيجابي يُدرّس»، مشيرًا إلى أن سلطنة عُمان «تسعى دائمًا إلى تقريب وجهات النظر ونزع فتيل الأزمات»، وأن هذا النهج «يوازن بين المبادئ والمصالح الوطنية». وأشاد بجولات جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – إلى دول القرار الكبرى، موضحًا أنها «تعكس دبلوماسية متزنة تبحث عن السلام دون التفريط في المصلحة الوطنية».

إشراك الأطراف الإقليمية

وتطرق السعدون إلى تصريحات معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية، خلال منتدى البحرين، التي أكد فيها أن «أمن الخليج لا يتحقق دون إشراك إيران»، مشيرًا إلى أن هذا الطرح «واقعي ويعكس فكرًا استراتيجيًا متزنًا». كما شدّد على ضرورة «إدماج اليمن في منظومة التعاون الخليجي»، معتبرًا أن «استقرار خاصرة الجزيرة العربية شرط لاستقرار الخليج بأكمله».

وعي المواطن ودور الإعلام

وأشاد السعدون بتطور الوعي العام في السلطنة، مشيرًا إلى أن المواطن العُماني والخليجي «أصبح أكثر إدراكًا لما يدور حوله»، وأن الإعلام العُماني «يسهم في تعزيز هذا الوعي عبر الطرح المتوازن والمسؤول». ودعا إلى «إشراك المفكرين والمحللين المستقلين» في النقاشات العامة لتقديم رؤى تخدم السلام والأمن الإقليميين.

عشق آباد.. مدينة مغلقة تبحث عن انفتاح

واختتم السعدون حديثه بوصف تجربته خلال زيارته السابقة لعشق آباد عام 2015، قائلًا إنها «مدينة متقوقعة على نفسها»، شأن كثير من دول آسيا الوسطى التي «تعيش طابعًا انطوائيًا»، معربًا عن أمله في أن «يخرج من عشق آباد عشقٌ للسلام والمحبة»، وأن تكون «منصة لإطلاق رؤية جديدة أكثر انفتاحًا وتعاونًا بين الشرق والغرب».

لمتابعة حلقة «منتدى الوصال» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو