الوصال - مع تعمق الأزمة بين روسيا والغرب على حدود أوكرانيا، أصبح الاعتماد المتبادل الطويل بين أوروبا وروسيا على بعضهما البعض في مجال الطاقة ورقة مساومة حاسمة على كلا الجانبين.

وترتبط روسيا الغنية بالغاز والنفط بأسواق الطاقة الأوروبية من خلال سلسلة من خطوط الأنابيب المهمة، والتي يتدفق أكبرها عبر أوكرانيا، والتي أصبحت نقاط الاختناق لكلا الجانبين في المفاوضات لتجنب الأزمة المتزايدة.

وانخفض الغاز في العام الماضي الذي يتم تسليمه إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب الأوكرانية بنسبة 25% وتصاعدت المخاوف من حدوث مزيد من الاضطرابات مع حشد القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية في حين تنفي موسكو المزاعم الغربية بأنها تخطط لغزو أوكرانيا ولكن إذا اشتعلت الأزمة فليس هناك سوى عدد قليل من البدائل لسد الفجوة إذا تعطلت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.

 

في نهاية يناير الماضي قدرت شركة S&P Global Platts Analytics أن التعليق الكامل لتدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا كان "سيناريو بعيد الاحتمال للغاية"، ولكن حتى الاضطرابات الصغيرة على خلفية نقص احتياطي الغاز العالمي بعد الوباء والارتفاع الحاد في الأسعار يمكن أن يسبب تأثيرًا عميقًا لأسواق الطاقة الأوروبية والمستهلكين في المصب.

 

وفي ظل الأزمة الحالية بين روسيا والغرب فقد يؤدي تعطل أي من طرق الغاز الرئيسية الأربعة - نورد ستريم ويامال وأوكرانيا وتوركستريم - وتأخير التصديق على نورد ستريم 2 إلى دخول أوروبا في أزمة طاقة في حين ارتفعت أسعار الطاقة في أوروبا هذا الشتاء بسبب انخفاض مستويات تخزين الغاز، وارتفاع أسعار الكربون في الاتحاد الأوروبي، وانخفاض شحنات ناقلات الغاز الطبيعي المسال، وانخفاض إمدادات الغاز الروسي العادية وانقطاع البنية الأساسية.

 

وقد تؤدي المزيد من الاضطرابات في واردات الطاقة إلى حدوث مشكلات في أوروبا، التي أصبحت تعتمد بشكل متزايد على المصادر الخارجية للطاقة وسط تركيز محلي على تطوير بدائل للطاقة الخضراء.

 

ويعتمد الاتحاد الأوربي على روسيا من بين مصدري الطاقة الرئيسيين - الغاز والنفط - بشكل كبير كمصدر للغاز الطبيعي حيث تهيمن روسيا على سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي بحوالي 38% من إجمالي الإمدادات. والنرويج، ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي في الكتلة، تمثل نصف ذلك فقط (19%) من السوق.

 

ومن المرجح أن يتعمق الترابط بين أوروبا وروسيا فقط مع خط أنابيب نورد ستريم 2 الجديد الذي من المقرر أن يضاعف الإمداد المباشر بالغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا تحت بحر البلطيق. هذا، بالطبع، ما لم تهدد الأزمة في أوكرانيا عملية الموافقة التنظيمية لـ Nord Stream 2، وهو تهديد قوي يمكن أن يلغي المشروع بأكمله.

وخلال أزمتي الغاز في عامي 2006 و 2009، أدت الخلافات بين روسيا وأوكرانيا، إلى قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا مؤثرًا ذلك على أوروبا بشكل مباشر، ويحذر المحللون من أن العقوبات الأوروبية سيكون لها تأثير خطير على أوروبا حيث مستويات تخزين الغاز منخفضة جدًّا خصوصًا في فصل الشتاء.

 

واتخذت كل من أوروبا وروسيا خطوات لتنويع أسواق الطاقة الخاصة بهما، مما سيساعد على التغلب على الصراعات بينهما، فقد وافقت روسيا على عقد مدته 30 عامًا لتزويد الصين بالغاز عبر خط أنابيب جديد وستُسوّي مبيعات الغاز الجديدة باليورو، مما يعزز تحالف الطاقة مع بكين وسط علاقات موسكو المتوترة مع الغرب بشأن أوكرانيا وقضايا أخرى، فيما نصح رئيس الناتو أوروبا بالفعل بتنويع إمداداتها من الطاقة.

--:--
--:--
استمع للراديو