الوصال - خلفان الطوقي

منذ عام 2021، زاد تكرار مصطلح الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان، رغم أن منظومة الاهتمام بالبيئة في بلادنا بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي بشكل مُمنهج، لكن الزخم الحاصل منذ سنوات قليلة ينصب في التركيز على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى الجانب البيئي، ويتضح ذلك جليًا في السماح لأكثر من 67 مصنعاً لإعادة التدوير بالعمل، واستحداث برنامج وطني للحياد الصفري، وإطلاق هيئة البيئة لعشرات المبادرات النوعية والتخصصية مع بقية الشركاء كمبادرة الكربون الأزرق، والترخيص لمواقع مُعالجة النفايات، ودعم الاقتصاد الأخضر، وإنشاء السجل الوطني لإدارة النفايات وغيرها الكثير.

ورغم هذه المبادرات والأرقام المُحقَّقة، إلّا أن رحلة الاقتصاد الدائري ما زالت تحتاج إلى مزيد من العمل المُركَّز والمُمَنهَج؛ فهذا الموضوع لم يعُد كما كانت اهتماماته بيئية بحتة، لكنه أصبح اقتصاديًا ربحيًا ومتطلبًا دوليًا، وضمن أهداف التنمية المستدامة 2030، أضف إلى ذلك أن له أبعادا اجتماعية بكل ما للكلمة من معنى وعليه، يتعين على الحكومة تقديم كافة التسهيلات والممكنات والدعوم الإضافية اللازمة، وأهمها:

- الدعم المادي: من خلال تخصيص مبلغ سنوي أو كل خمسة أعوام يخصص للصناعات التي تخص الاقتصاد الدائري وتكون خارطة صرف هذه المبالغ المالية واضحة وفق معايير شفافة ومحوكمة بما يحقق الأهداف الوطنية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

- الدعم التشريعي: من خلال تطوير المنظومة التشريعية، فبالإضافة إلى ما تحقق فإن المُعطيات في تغير وتطور مُستمرين، ويمكن الاستفادة من تجارب الآخرين، ويمكن لسفاراتنا في الخارج نقل أفضل الممارسات في هذا الشأن، بالإضافة إلى جهود الهيئة وبقية الشركاء في القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني.

- الدعم التنفيذي: والمقصود به المتابعة والرقابة، لأن هذا الجهد لا يمكن أن تقوم به جهة واحدة، وإنما عدة جهات كوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وشرطة عُمان السلطانية ووزارة المالية وغيرها من الجهات المختصة بشكل مباشر وغير مباشر.

- الدعم المجتمعي والتوعوي: خاصة وأن أهمية الاقتصاد الدائري أصحبت ذات بعد ربحي ومحط أنظار المستثمرين، وتحول من كونه عبئًا إلى مورد، ويمكن تكامل الأدوار بين هيئة البيئة ووزارة الإعلام ووحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومكاتب المحافظين، وأي أطراف حكومية أخرى لتنفيذ حملات توعوية مجتمعية عصرية تتسم بالطابع الشبابي لتوضيح أهمية الاقتصاد الدائري، ويمكن تمويل هذه الحملات من خلال غرفة تجارة وصناعة عُمان ومدائن وبعض شركات القطاع الخاص.

- الدعم البحثي والتطويري: يمكن لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالتعاون مع الجامعات الحكومية والخاصة القيام بالبحوث والحلول الابتكارية لتطوير هذا القطاع، وتمويله من القطاع الخاص بشكل تصاعدي ممنهج.

لقد بدأت تظهر العوائد المالية للاقتصاد الدائري، إضافة إلى دوره في خلق وظائف جديدة، إلى جانب كونه داعمًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأيضًا عوائده البيئية مثل تقليل الانبعاثات الكربونية ومكافحة التغير المناخي، وبما أن الرحلة في هذا المجال طويلة والحمل ثقيل، فلا بُد من تكامل أدوار الأجهزة الحكومية والخاصة والقطاع المدني، والعمل بشكل جماعي لضمان أن يكون العائد للجميع، دولةً وتجارًا وأفرادًا.

--:--
--:--
استمع للراديو