الوصال – يرى الدكتور سليم الهنائي، المحلّل السياسي والأستاذ المساعد بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى، في حلقة خاصة ببرنامج «منتدى الوصال» أن الخطابات السامية التي ألقاها حضرةُ صاحب الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظَّم – حفظه الله ورعاه – خلال زيارته إلى مملكة إسبانيا، حملت مضامين سياسية وثقافية وإنسانية عميقة، تعكس ثوابت السياسة العُمانية في بناء العلاقات المتوازنة والانفتاح على العالم بروح من الحوار والسلام.

جسور الثقافة أولًا

وأكد الدكتور الهنائي في حديثه أن الخطاب السامي في مأدبة العشاء بالعاصمة مدريد أبرز البُعد الحضاري في العلاقات بين البلدين، حيث وصف جلالته مملكة إسبانيا بأنها «جسر حضاري وإنساني يربط بين الشرق والغرب»، وهو وصف يحمل دلالة رمزية على التقارب الثقافي بين الحضارتين العربية والإسبانية. ويبيّن أن هذا التوصيف يفتح المجال أمام تعاون ثقافي وفكري وأكاديمي أوسع يشمل التبادل العلمي والزيارات الثقافية والبعثات الأكاديمية بين البلدين.

لماذا هذا التوقيت؟

ووضح الهنائي أن توقيت الزيارة جاء ليعيد الحيوية إلى مسار العلاقات الثنائية بعد فترة من الهدوء، مؤكدًا أنها تمثّل «فصلًا جديدًا من التواصل الاستراتيجي» الذي يمتدّ خارج الإطار الإقليمي نحو الشراكة الأوروبية، خاصة وأن إسبانيا تمثّل بوابة الجنوب الأوروبي ذات البعد الثقافي والاقتصادي المتنوّع.

انفتاح متوازن

وأكد الدكتور الهنائي أن جلالته شدّد في كلماته على أن «الحوار والانفتاح على الثقافات» هو السبيل لبناء عالم أكثر تفهّمًا واستقرارًا، مشيرًا إلى أن هذه الرسالة تعبّر عن ثقة المجتمع العُماني في هويته وقيمه، وقدرته على الانفتاح دون فقدان الثوابت. ويرى أن ترسيخ هذا المفهوم بين الأجيال الجديدة يشكّل ضمانة لاستمرار نهج التسامح الذي تميّزت به السلطنة عبر تاريخها.

ما دور البرلمان؟

وأشار الهنائي إلى أن الخطاب أمام مجلسَي الشيوخ والنواب الإسبانيين حمل إشادة واضحة بـ«الدور البرلماني في التنمية وصناعة القرار»، موضحًا أن هذا الطرح يعكس رؤية جلالته لأهمية المشاركة المجتمعية والمؤسسية في تطوير التشريعات وتعزيز التعاون بين المواطن والدولة، وهو ما يتقاطع مع التجربة البرلمانية العُمانية منذ انطلاقة النهضة المباركة.

شراكة اقتصادية واعدة

وبيّن الدكتور الهنائي أن مضامين الخطابات السامية تطرّقت بوضوح إلى الملفات الاقتصادية والاستثمارية، لا سيّما في مجالات «الطاقة النظيفة» و«الاقتصاد الأخضر» و«الأمن الغذائي» و«السياحة المستدامة»، لافتًا إلى أن إسبانيا تعد من الدول الأوروبية الرائدة في مجالات الطاقة الشمسية والرياح، وأن تبادل الخبرات في هذا الجانب ينسجم مع أهداف سلطنة عُمان لتحقيق «الحياد الكربوني بحلول عام 2050».

ماذا عن فلسطين؟

وتناول الهنائي إشارة جلالته الصريحة إلى الموقف الإسباني المشرف تجاه «القضية الفلسطينية»، معتبرًا أن الشكر الذي وجّهه جلالته لرئيس الوزراء الإسباني يعكس «تقاربًا أخلاقيًا وإنسانيًا» بين البلدين في الدفاع عن العدالة والسلام، وتأكيدًا على ثبات موقف سلطنة عُمان الداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

مفتاح مدريد ورسائله

ويرى الهنائي أن تسلّم جلالته «مفتاح مدينة مدريد» يحمل رمزية كبيرة تتجاوز البروتوكول إلى التعبير عن عمق التقدير الشعبي الإسباني لعُمان، مشيرًا إلى أن هذه اللفتة تجسّد «رسالة سلام وانفتاح»، وتؤسس لعلاقات بلدية وثقافية بين مدينتَي مسقط ومدريد بما يحقق الاستفادة المتبادلة في الإدارة الحضرية والخدمات العامة.

دور الثقافة والفن

ووضح الهنائي أن تركيز جلالته في خطابه على «الأدباء والمفكرين والفنانين» يعكس وعيًا بدور «القوة الناعمة» في تعزيز العلاقات بين الشعوب، مشيرًا إلى أن التجربة الإسبانية في إدارة المقاصد التاريخية والسياحة الثقافية يمكن أن تشكّل نموذجًا ناجحًا لتطوير القطاع السياحي العُماني، وجعله رافدًا اقتصاديًا رئيسيًا.

علاقات إنسانية راسخة

ولفت الهنائي إلى أن إشارة جلالته لمتانة العلاقة الشخصية التي تربطه بـ«عاهل إسبانيا» تُبرز جانبًا إنسانيًا عميقًا في الدبلوماسية العُمانية، موضحًا أن مثل هذه العلاقات تفتح آفاقًا جديدة للحوار وتعمّق جسور الثقة والتعاون بين القيادتين والشعبين الصديقين.

ماذا بعد الزيارة؟

واختتم الدكتور سليم الهنائي حديثه بالتأكيد على أن الخطابات الأربع «صيغت بعناية لتوجّه رسائل مختلفة في مقامات متنوّعة: ملكيّة وبرلمانية وحكومية ومدنية»، وأنها ترسم خارطة طريق واضحة لتفعيل الاتفاقيات في مجالات الطاقة والاقتصاد والثقافة والتعليم، وتعكس التزام سلطنة عُمان بدعم الحوار والسلام وتعزيز مكانتها كشريك حضاري وإنساني فاعل في العالم.

لمتابعة حلقة «منتدى الوصال» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو