الوصال - تحدث الصحفي والباحث في الشؤون الدولية سالم الجهوري في برنامج «منتدى الوصال» عن أداء مجلس الشورى ودوره في المنظومة التشريعية والرقابية، متناولًا أبعاد التجربة العمانية في الشورى، وصلاحيات المجلس، وآليات تطوير أدائه، والتحديات التي تواجهه في تعزيز الثقة والتواصل مع المجتمع والإعلام.

مسيرة الشورى

وأوضح الجهوري أن التجربة البرلمانية في سلطنة عُمان تراكمية بطبيعتها، وأنها تمثل امتدادًا تاريخيًا عريقًا لفكرة الشورى التي مارسها العمانيون منذ قرون. وأشار إلى أن المجلس تطوّر من هيئة استشارية محدودة في السبعينيات إلى مؤسسة تشريعية ورقابية فاعلة، وأن هذا التدرّج يعكس رؤية القيادة في بناء مؤسسات الدولة على أسس واقعية ومتدرجة، تضمن النضج والتكامل المؤسسي.

أرقام وإنجازات

واستعرض الجهوري حصيلة الدورة العاشرة (2023 – 2027)، موضحًا أن المجلس أنجز 47 عملًا تشريعيًا و400 أداة متابعة، وعقد 26 جلسة اعتيادية و3 جلسات مشتركة مع مجلس الدولة، وناقش 14 مشروع قانون، وصدر 13 قانونًا بمراسيم سلطانية، إضافة إلى 26 اجتماعًا لمكتب المجلس، و211 اجتماعًا للجان، و225 موضوعًا منجزًا، و67 مشاركة إقليمية ودولية. وقال إن هذه الأرقام تعكس «جهدًا مؤسسيًا منظمًا» يدل على أن العمل مستمر ومتطور، وإن التحدي الحقيقي يتمثل في إبراز أثر هذا العمل للمجتمع بشكل ملموس يوازي الجهد المبذول.

توازن بين الصلاحيات

وأوضح الجهوري أن المجلس يمارس اختصاصاته التشريعية والرقابية وفق صلاحيات واضحة حددها النظام الأساسي للدولة، مؤكدًا أن أغلب مشروعات القوانين تأتي من الحكومة، إلا أن المجلس يجري عليها تعديلات «جوهرية» في مراحل المراجعة، كما حدث في قوانين الإعلام وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وجمعيات المجتمع المدني. وبيّن أن دور المجلس ليس تنفيذياً، وإنما يقوم على مناقشة السياسات العامة ومساءلة الوزراء واقتراح التوصيات التي تصبّ في مصلحة الوطن والمواطن.

تدرّج محسوب

وأكد الجهوري أن التدرّج في توسيع صلاحيات المجلس يُعدّ من السمات المميزة للتجربة العمانية، موضحًا أن هذا التدرج يهدف إلى ترسيخ التجربة البرلمانية تدريجيًا حتى تصل إلى النضج المؤسسي الكامل. لكنه أشار إلى أن وتيرة هذا التدرج تسير ببطء مقارنة بتطلعات الشارع، داعيًا إلى تمكين المجلس أكثر في متابعة اللوائح التنفيذية ومراجعة الاتفاقيات ذات البعد الوطني.

قضايا المواطن

وتطرّق الجهوري إلى الملفات الخدمية التي تهم المواطن كقضايا العمل والتعليم والصحة، مشيرًا إلى أن المجلس يعمل في منظومة تكاملية مع الجهات الحكومية، وأن نجاح المتابعة يتطلب تعاون جميع المؤسسات. كما دعا إلى تسريع توظيف الكوادر العُمانية في الوظائف الفنية والإدارية، وتبسيط الإجراءات التي قد تعيق الإحلال الوطني، مؤكدًا أن المجلس يسعى دائمًا لتسريع وتيرة الحلول الواقعية لهذه القضايا.

وعي مجتمعي

وأشار الجهوري إلى أن بعض أفراد المجتمع ما زالوا يخلطون بين الدور التشريعي والرقابي للمجلس وبين الدور التنفيذي، موضحًا أن هذا الخلط يخلق توقعات غير واقعية. ودعا إلى نشر الوعي البرلماني وتعريف المواطنين بحدود صلاحيات المجلس، وأهمية دوره في صناعة التشريعات ومتابعة الأداء الحكومي، لا في تنفيذ القرارات.

التواصل والإعلام

وأكد الجهوري أن الإعلام شريك أساسي في رفع الوعي بدور مجلس الشورى، مشيدًا بجهود دائرة الإعلام في المجلس، لكنه دعا وسائل الإعلام المختلفة إلى الحضور الفعلي في الجلسات واللجان وتناول الموضوعات بعمق وتحليل، لا الاكتفاء بنشر البيانات الرسمية. ورأى أن التعاون بين الصحافة والمجلس ضروري لتوضيح الصورة الكاملة للرأي العام.

حضور الأعضاء

وتحدث الجهوري عن أهمية تفاعل أعضاء المجلس مع المجتمع والإعلام، موضحًا أن بعض الأعضاء ابتعدوا عن المشهد رغم امتلاكهم الكفاءة والقدرة على التأثير، وأن التواصل المنضبط والمسؤول يعزز الثقة ويقرّب المواطن من المؤسسة التشريعية.

انتخاب الأكفأ

وأشاد بتجربة محافظة ظفار، وخاصة في ولاية صلالة، في التوافق المجتمعي لاختيار الأكفأ من المترشحين قبل الاقتراع، معتبرًا أن هذه التجربة نموذج ناجح لضمان جودة التمثيل البرلماني، ودعا إلى الاستفادة منها في ولايات أخرى لتعزيز كفاءة الأداء تحت قبة المجلس.

نقاشات بنّاءة

وأوضح الجهوري أن وجود اختلاف في وجهات النظر داخل المجلس ظاهرة إيجابية وصحية، لأنها تعبّر عن التنوع الفكري وتمثّل الولايات كافة. وأكد أن إبراز هذه النقاشات إعلاميًا يساعد على رفع الوعي ويعكس طبيعة المجلس كمؤسسة حوار وتفاعل لا كمؤسسة إدارية جامدة.

آفاق المرحلة المقبلة

واختتم الجهوري حديثه بالتأكيد على أن العامين المتبقيين من الدورة الحالية يمثلان فرصة لتعزيز المبادرات الرقابية والتشريعية ورفع سقف المشاركة المجتمعية. وأكد أن استمرار تطوير تجربة الشورى يتطلب رفع كفاءة الأعضاء، وتوسيع الصلاحيات تدريجيًا، والحفاظ على روح العمل المؤسسي، لتبقى التجربة العمانية نموذجًا في التدرج المتوازن بين الثبات والتجديد.

لمتابعة حلقة «منتدى الوصال» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو