الوصال - أكد الكاتب والصحفي وصانع الأفلام الوثائقية أسعد طه، خلال استضافته في برنامج «منتدى الوصال» أن «القلب» كان دليله في الحياة والمهنة، وأن الفيلم الوثائقي «عمل يدوي وروحي» لا يختزل في برمجيات ولا تستعيض عنه أدوات الذكاء الاصطناعي، مستعيدًا هجرته من السويس عام 1967 وما تبعها من تشكل مبكر للوعي، ومتوقفًا عند صورة جمال عبد الناصر التي «تبدلت مع القراءة والتجربة»، ومجمعًا على أن «نصرة المظلوم أيًا كان» هي ميزانه الأخلاقي الثابت.

من أين يبدأ القلب؟
وقال طه إن أثر والده المربّي «تمادى بعد رحيله»، إذ ظلّت مواقفه وتربيته «توقظ الضمير عند المفترقات»، متذكرًا التديّن المنفتح بلا تشنّج والانضباط بلا قسوة، من ساعة العمل الأولى حتى آخر اليوم، وكيف ظل ذلك أسلوب حياة لا شعارًا.

ماذا بقي من النكسة؟
وروى طقوس الرحيل القاسي عن السويس: أناشيد وطنية بقلوب ساخنة، مواكب تطوّع لعبور القناة لإطعام الجنود المنسحبين، ثم قطارات مجانية بدت كـ«مواكب حزن» حتى القاهرة، قبل الانتقال إلى طنطا. واعترف بأنه عاد في اللحظة الأخيرة «ليقبّل أرض البيت» مودّعًا المدينة التي صاغت انتماءه الأول.

كيف تبددت الصورة؟
وأشار إلى أنه بكى عند وفاة عبد الناصر، ثم «تصدّعت الصورة المثالية» تدريجيًا في الجامعة، مع احتفاظه بتقديرٍ عملي لتجربة «منظمة الشباب» التي صقلت مهارات الخطابة والقيادة وقياس الرأي العام، رغم تحفظاته اللاحقة على المنهج التنظيمي وأثره.

لماذا سراييفو أولًا؟
وبيّن أنه تبع قلبه إلى البوسنة: عمل نهاريًا في مطاعم بألمانيا ليوفّر ثمن السفر برًا إلى سراييفو، ثم وجد «الحب الأول» للحرب هناك، فصارت تجربته الفارقة التي شكّلت رؤيته المهنية والإنسانية لاحقًا، ورفض بسببها عروضًا وظيفية مريحة «ليطوف العالم ويحرس فكرته».

أين يقف الذكاء؟
وشدّد على أن الذكاء الاصطناعي يصلح في جمع المعلومات والاختبار، لكنه «لا يسكب حرارة الحياة في الصورة»، لأن الوثائقي - عنده- «طين بأصابع صانعه»: فكرة تقلقك، ميدان يرهقك، أبطال تلتزم بهم، وتعهد أخلاقي قبل أي لقطة.

لماذا المخيم؟
وأوضح أنه يفضّل «المخيمات التدريبية» على القاعات والفنادق لأن الوثائقي يُتعلم في الحقل لا خلف الأبواب. واستعاد تجربة مالاوي «ثالث أفقر دولة» وما فيها من سينما مفتوحة للأطفال وصور مطبوعة تُهدى للقرى، ثم توقف عند نزوى بسلطنة عُمان حيث رأى أطفالًا يعملون في السوق «اعتمادًا على النفس لا فقرًا»، فاعتبرها لقطة تربوية تستحق التوثيق.

ونفى انتماءه إلى حزب أو جماعة، رافضًا التصنيفات الجاهزة السياسية والفكرية على السواء، ومؤكدًا أن كثيرًا من صراعاتنا «علل روح لا خلاف أفكار»، لذلك يميل إلى تهذيب النفس والصلة الروحية، ويقرأ «حيث يوجد الحق» بلا حساسيات من الأسماء.

ميزان العدل.
وقال إنه يتعاطف مع «كل معتقل مظلوم» أيًّا كان دينه أو اتجاهه، وأن بوصلة الموقف لديه هي العدل: «إن ظلمتَني فأنا ضدك، وإن ظُلِمتَ فأنا معك»، رافضًا اختزال ذلك في تعاطف سياسي مع تيار بعينه.

حكايات لا ترف؟
واستعاد قصص «العاشقين» التي يكتبها ويصوّرها لا بوصفها ترفًا بل «محرّكًا لفهم الخلق والغاية»، واختار قصة «علي الصعيدي» في ألمانيا الذي أحبّ راهبة، ثم لفت قلبها فدخلت الإسلام وتزوجا، معتبرًا أن «لغة القلب» تتقدّم على حسابات العقل في هذه المفاصل.

درس الأب الأخير؟
وذكر أن والده كان يفخر بنشاطه الإذاعي المدرسي والتزامه المهني، وأنه خالفه زمن الجامعة خوفًا عليه من تبعات الكتابة السياسية، فمرض حين اعتُقل بعد اغتيال السادات ثم تعافى بعد الإفراج، وبقيت «القدوة العملية» أقوى من أي وصايا.

خاتمة المعنى؟
واختتم بأن الوثائقي- عنده -«تعاطف ومسؤولية قبل أن يكون صورة»: سفرٌ وراء حكايات الناس، والتزامٌ تجاه كرامتهم، وإيمانٌ بأن «المعنى يبدأ من القلب وينتهي إليه»، وما بينهما عدسة لا تُرفع إلا لتشهد للحق.

لمتابعة حلقة «منتدى الوصال» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو