الوصال - تحدث الكاتب والناشر وعضو اتحاد الناشرين العرب محمد السعداوي في برنامج «ساعة الظهيرة» عبر إذاعة الوصال، مهنئًا مصر والعالم العربي بافتتاح «المتحف المصري الكبير» الذي وصفه بأنه «صرح حضاري وإنساني فريد يجمع بين الأصالة والابتكار»، ويعبر عن وجدان شعب محب للسلام. وقال إن ما شاهده العالم بالأمس هو تتويج لعمل استمر عقودًا طويلة، صنعه المصريون بحب وانتماء، ليؤكدوا أنهم ما زالوا يصنعون التاريخ كما صنعوه في الماضي.

تصميم فريد ومساحة عالمية

وبيّن السعداوي أن المتحف المصري الكبير هو «أكبر مبنى متحفي في العالم»، إذ تبلغ مساحته نحو (500 ألف متر مربع)، وقد جرى تصميمه بطريقة تجمع بين الحداثة والتراث لتتوافق مع موقعه القريب من الأهرامات، موضحًا أن تصميمه قامت به دار تصميم عالمية لتأتي الواجهة الخارجية على شكل مثلث مستوحى من شكل الهرم. وأضاف أن المتحف جاء ليكون معلمًا معماريًا استثنائيًا يربط الماضي بالحاضر، وأن المصريين أرادوا أن يقدموا من خلاله عملًا يليق بذاكرة التاريخ والإنسانية.

وأشار إلى أن المدخل الرئيسي يمتد على مساحة (7000 متر مربع) تتوسطه تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني وخمس قطع أثرية فريدة، وهو تمثال تم نقله عام 2006 من ميدان رمسيس إلى موقعه الحالي ليكون محور تصميم المتحف، حيث صُمم السقف بفتحة تسمح بتعامد أشعة الشمس على التمثال في أوقات محددة من العام كما كان يحدث في المعابد القديمة.

القاعات والمكونات الداخلية

وتحدث السعداوي عن المساحة الخارجية التي تضم المسلة المصرية بمساحة (27 ألف متر مربع) والبهو العظيم أو ما يُعرف بـ«الدرج العظيم» الذي تبلغ مساحته (6 آلاف متر مربع) بارتفاع يوازي سبعة طوابق ويحوي أكثر من (87 ألف قطعة أثرية). وأوضح أن القاعة الأبرز هي قاعة الملك توت عنخ آمون التي تعرض لأول مرة في التاريخ جميع مقتنيات الملك المصري الشاب في مكان واحد، حيث تضم أكثر من (5000 قطعة من كنوز الملك).

وبيّن أن المتحف يحتوي على قاعة عرض دائمة بمساحة (18 ألف متر مربع) تضم آثار الحضارة المصرية في مختلف العصور، وقاعات عرض مؤقتة تبلغ مساحتها (5000 متر مربع) مخصصة للعروض المتغيرة، إلى جانب متحف للطفل، وأماكن لممارسة الحرف التراثية، ومراكز للترميم، ومخازن ومكتبة رئيسية، فضلًا عن قاعات مخصصة للزوار والسياح، ومرافق خدمية متنوعة تشمل مطاعم واستراحات وقاعة سينما بمساحة (700 متر مربع) وممشى تجاري ومحلات وأكشاك.

رحلة إنشاء امتدت لعقود

وأوضح السعداوي أن فكرة إنشاء المتحف تعود إلى عام 1992، حيث بدأت الخطط الأولى لتأسيسه، ووُضع حجر الأساس في عام 2002، وبدأ البناء الفعلي في عام 2005 وصولًا إلى الافتتاح في عام 2025، أي بعد (23 عامًا) من العمل المتواصل. وأكد أن هذه المدة الطويلة تعكس حجم المشروع وضخامته، فالمتحف ليس مبنى تقليديًا بل صرح متكامل يجسد ذاكرة مصر والعالم.

وأضاف أن التمويل الضخم للمتحف استغرق وقتًا في توفيره، مشيرًا إلى أن اليابان قدّمت دعمًا كبيرًا عبر قرضين، الأول عام 2006 بقيمة (280 مليون دولار) والثاني عام 2016 بقيمة (460 مليون دولار)، بالإضافة إلى تبرعات ومساهمات دولية ومحلية بلغت (150 مليون دولار)، فضلًا عن (100 مليون دولار) من الحكومة المصرية نفسها، مؤكدًا أن هذا التعاون يعكس البعد الدولي للمتحف كرمز للتكامل الحضاري والثقافي.

وذكر أن قرار إنشاء المتحف كما يروي وزير الثقافة الأسبق الدكتور فاروق حسني كان بدافع الغيرة الوطنية، بعدما سمع أحد المسؤولين الأجانب يصف المتحف المصري القديم في ميدان التحرير بأنه مجرد مخزن للآثار، فكان الرد بقرار إنشاء أكبر متحف في العالم، ليكون شاهدًا على حضارة مصر ومكانتها العالمية.

ذاكرة المصريين والعالم

وأوضح السعداوي أن المصريين يعتبرون المتحف الجديد ذاكرة خالدة للحضارة المصرية وهدية للعالم بأسره، وأنه يجسد رحلة طويلة من الجهد والإبداع، قائلاً: «المصريون صنعوا وسيصنعون التاريخ دومًا، فكما خلد الأجداد آثارهم في الحجر، فإن أبناء اليوم يخلدونها في صرح حضاري حديث يليق بتاريخهم». وأضاف أن المتحف لا يقتصر على عرض الآثار فقط، بل يمثل مركزًا ثقافيًا عالميًا سيضم فعاليات علمية وفنية وسياحية تجعل منه وجهة حضارية متكاملة.

فخر وطني ورسالة عالمية

وأشار السعداوي إلى أن الافتتاح كان حدثًا استثنائيًا شهد تفاعلًا شعبيًا واسعًا داخل مصر وخارجها، حيث عبّر المصريون عن فخرهم بارتداء الزي الفرعوني ومشاركة صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي في أجواء من البهجة الوطنية. وقال إن الحدث أثبت أن مصر قادرة على الجمع بين التاريخ العريق والإبداع المعاصر، وأنها ما زالت تقود المنطقة ثقافيًا وحضاريًا.

وأكد أن «المتحف المصري الكبير» ليس فقط إنجازًا مصريًا بل هو فخر للعرب جميعًا، مشيرًا إلى ما قاله صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب بأن «ما تحققه مصر لا يعبر عنها وحدها، بل يمثل فرحة وفخرًا للعالم العربي كله».

واختتم السعداوي حديثه بأن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل «رسالة إنسانية للعالم»، تجمع بين التاريخ والحداثة، وتؤكد أن مصر ما زالت تقود المنطقة بمنهج من السلام والثقافة والإبداع، وأن ما يخص مصر يخص كل العرب لما تمثله من عمق حضاري وإنساني متجذر عبر العصور.

لمتابعة حلقة «ساعة الظهيرة» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو