أحمد عجاج لـ «الوصال»: القرار الأمريكي بإنهاء العقوبات على سوريا يفتح الباب لتحالفات جديدة في الشرق الأوسط
ساعة الظهيرة
الوصال - أوضح الكاتب والباحث السياسي أحمد عجاج، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، في حديثه ببرنامج «ساعة الظهيرة» على إذاعة «الوصال»، أن القرار الأمريكي المتعلق برفع العقوبات الأممية عن القيادة السورية الحالية يعكس تحوّلًا كبيرًا في السياسة الأمريكية تجاه سوريا والمنطقة. وبيّن أن هذا المسار بدأ منذ لقاء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالرئيس أحمد الشرع في المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن القرار جاء بناءً على توافق إقليمي بين السعودية وقطر وتركيا للانفتاح على القيادة السورية الجديدة.
وأضاف أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين سيكون نقطة مفصلية قد تترتب عليها خطوات سياسية وإقليمية جديدة، تهدف إلى إعادة دمج سوريا في النظام الدولي وتغيير توازنات القوى في الشرق الأوسط بما يخدم رؤية واشنطن لإحلال الاستقرار وإعادة تشكيل التحالفات.
الصين بين التحفظ والانفتاح
وتحدث عجاج عن امتناع الصين عن التصويت على القرار الأمريكي داخل مجلس الأمن، موضحًا أنه لم يكن موقفًا معاديًا بل رسالة سياسية متوازنة، وأن بكين تتخوّف من وجود مقاتلين ينتمون إلى تركستان الشرقية داخل سوريا، وهي مجموعات تراها تهديدًا لأمنها القومي.
وأشار إلى أن القيادة السورية الجديدة تتعامل ببراغماتية سياسية خالصة بعيدًا عن الأيديولوجيات، معتبرًا أن هذا الأسلوب منفتح على جميع القوى الدولية، بما فيها الصين التي لم تستخدم حق النقض «الفيتو»، وهو ما يعدّ إشارة إيجابية لانفتاحها على التعاون مع الحكومة السورية الجديدة.
ولفت إلى أن دمشق تدرك أهمية بكين كلاعب دولي رئيسي، وتسعى إلى تسوية الملفات الحساسة معها بسرعة، بما يضمن استمرار علاقاتها المتوازنة وعدم عزل الصين عن مشهد إعادة الإعمار أو الشراكات المستقبلية في المنطقة.
عودة سوريا إلى المشهد الدولي
وأوضح عجاج أن العودة التدريجية لسوريا إلى الساحة الدولية بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عامًا تمثل نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي الإقليمي، إذ يسعى الرئيس ترامب إلى بناء شرق أوسط جديد، ويرى في القيادة السورية الحالية تحولًا جوهريًا في المعادلة الإقليمية.
وبيّن أن هذه العودة جاءت نتيجة التحول من المعسكر الاشتراكي إلى الغربي، وهو ما اعتبرته واشنطن فرصة تاريخية لمدّ جسور التعاون المباشر مع دمشق بعد عقود من القطيعة.
وأضاف أن الرئيس ترامب منح الضوء الأخضر للانفتاح على سوريا، لكنه لم يُتبع قراره بخطوات مؤسسية كافية، موضحًا أن العقوبات التي فرضها الكونغرس الأمريكي لا تزال قائمة، ولا يمكن رفعها إلا بقرار تشريعي، ما يعكس تعقيد المشهد داخل الإدارة الأمريكية رغم رغبة البيت الأبيض في التغيير.
تحالفات جديدة وانحسار نفوذ قديم
تناول الباحث السياسي التوجه الأمريكي الجديد الرامي إلى تأسيس تحالفات شرق أوسطية جديدة تضم سوريا والسعودية وتركيا ضمن المعسكر الغربي، مقابل تراجع النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة.
وأشار إلى أن الحديث عن قاعدة عسكرية أمريكية في الجنوب السوري يعكس الرغبة في إيجاد ترتيبات أمنية تضمن الاستقرار بين إسرائيل وسوريا وتمنع عودة التوتر إلى الحدود المشتركة. وأكد أن واشنطن ترى في هذا التحول بداية لإعادة رسم خريطة المنطقة سياسيًا وأمنيًا.
الموقف الأوروبي
وأفاد عجاج أن السياسات الأوروبية لا يمكن فصلها عن النهج الأمريكي، إذ تعتمد القارة العجوز على الدعم الأمني والعسكري الأمريكي كما ظهر في الحرب الروسية – الأوكرانية.
وأوضح أن دولًا مثل فرنسا وبريطانيا بادرت إلى دعم رفع العقوبات عن سوريا حتى قبل الولايات المتحدة، لقناعتها بأن استقرار سوريا هو جزء من استقرار الأمن الأوروبي، نظرًا لقربها الجغرافي من جنوب أوروبا وتأثيرها المباشر في ملفات الهجرة والإرهاب والطاقة.
وبيّن أن أوروبا تنظر إلى التعاون مع القيادة السورية الجديدة كفرصة لإنهاء الاضطرابات في المنطقة وإعادة تنشيط المصالح الاقتصادية المشتركة، موضحًا أن انضمام دمشق المحتمل إلى التحالف ضد تنظيم داعش سيكون مؤشرًا على تغير عميق في الخريطة السياسية للشرق الأوسط.
توازنات جديدة في الإقليم
واختتم الباحث أحمد عجاج حديثه بالتأكيد على أن ما يجري اليوم هو إعادة تشكيل لتوازنات القوة في الشرق الأوسط، حيث تتجه المنطقة نحو تحالفات أكثر براغماتية تقوم على المصالح المشتركة لا على الانتماءات الأيديولوجية.
وأكد أن سوريا تعود اليوم إلى الواجهة الدولية بواقعية سياسية جديدة، وأن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل هذا الانفتاح إلى نقطة انطلاق لرسم شرق أوسط جديد، يكون أكثر استقرارًا وأقل توترًا، متوقعًا أن التحولات الجارية قد تفتح الباب أمام تسويات غير مسبوقة تشمل العلاقات مع إسرائيل وملفات الأمن الإقليمي في السنوات المقبلة.
لمتابعة حلقة «ساعة الظهيرة» عبر الرابط التالي:
تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.
للانضمام:


