المحلل السياسي د. سليم الهنائي لـ «الوصال»: العراق يعيش لحظة مفصلية بين التوافق السياسي وإعادة الاصطفاف الحزبي
ساعة الظهيرة
الوصال ــ تحدث الدكتور سليم بن محمد الهنائي، المحلل السياسي والأكاديمي، في برنامج «ساعة الظهيرة» في قراءة للمشهد الانتخابي في العراق عقب إغلاق مراكز الاقتراع، موضحًا أن العملية الانتخابية كشفت عن واقع سياسي واجتماعي مركّب يعكس تباين الثقة بالعملية الديمقراطية ومخرجاتها، حيث تفاوتت نسب المشاركة بين المحافظات تبعًا لطبيعة العلاقة بين المواطن والدولة ومستوى الاستقرار في كل منطقة.
تفاوت في نسب المشاركة
وأشار الهنائي إلى أن بعض المحافظات الجنوبية سجّلت نسب مشاركة مرتفعة بدافع الولاء التقليدي أو الأمل في تحسين الخدمات، بينما شهدت محافظات أخرى مشاركة محدودة نتيجة الفتور الشعبي تجاه جدوى الانتخابات، مبينًا أن هذا التباين يعكس حالة الانقسام بين مناطق ترى في التصويت وسيلة سلمية للتعبير عن مصالحها، وأخرى فقدت الثقة في التغيير بعد تراكم الإخفاقات السابقة.
تعقيدات المشهد السياسي
وأوضح أن استمرار غياب الاستقرار في العراق يعود إلى تعدد التيارات السياسية والولاءات العشائرية والقبلية، إلى جانب التأثيرات الإقليمية والدولية المتشابكة، معتبرًا أن هذه العوامل تجعل من الصعب الوصول إلى حالة من الهدوء السياسي الكامل، رغم تعاقب العمليات الانتخابية. وأضاف أن المواطن العراقي يعيش دوامة من الترقب والأمل، إذ يتوقع في كل دورة انتخابية أن تشهد البلاد إصلاحًا حقيقيًا، غير أن الأوضاع غالبًا ما تعود إلى المربع الأول.
مشاركة لافتة للنساء وكبار السن
وبيّن الهنائي أن المشاركة الواسعة للنساء وكبار السن مقابل ضعف مشاركة الشباب تعكس تحولًا اجتماعيًا يستحق القراءة. فالكبار ينظرون إلى المشاركة بوصفها «واجبًا وطنيًا» للحفاظ على ما تحقق من استقرار نسبي، بينما يعاني الشباب من حالة «خيبة سياسية» نتيجة فقدان الثقة بقدرة الأحزاب على تمثيل تطلعاتهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. كما أشار إلى أن ضعف الوعي الانتخابي وتراجع حملات التثقيف السياسي زادا من عزوف الجيل الجديد عن صناديق الاقتراع.
مستقبل التوافق السياسي
وفي تحليله للمرحلة المقبلة، أوضح أن الانتخابات قد تفتح الباب أمام احتمالين: إما توافق سياسي أوسع لإدارة التعدد وتخفيف حدة الصراع، أو إعادة اصطفاف جديد بين الكتل التقليدية مع تنافس أكثر حذرًا. وأكد أن تصدّر تحالف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يضع البلاد أمام اختبار حقيقي في كيفية إدارة التوازنات الثقيلة بين القوى السياسية الرئيسية.
برلمان مكلف وجدلية التغيير
وتطرق الهنائي إلى الجدل حول «تكلفة البرلمان العراقي» الذي وُصف بأنه الأغلى في العالم، مشيرًا إلى أن إنفاق ما يقارب (5.5 تريليون دينار عراقي) خلال عشر سنوات يثير تساؤلات حول كفاءة الأداء النيابي ومستوى الشفافية. وأضاف أن الشارع العراقي يرى في الإصلاح البرلماني نقطة الانطلاق نحو التغيير الجذري، مؤكدًا أن أي إصلاح سياسي حقيقي يجب أن يبدأ من داخل البرلمان نفسه.
لحظة مفصلية
وختم الهنائي حديثه بالتأكيد على أن العراق يعيش «لحظة انتقالية مفصلية»؛ فإما أن تشكل الانتخابات الحالية بداية لتوافق سياسي أكثر نضجًا يرسخ الاستقرار، أو تعيد إنتاج دوامة التحالفات المتغيرة التي اعتادها المشهد العراقي منذ عام 2003، داعيًا القوى السياسية إلى تغليب المصلحة الوطنية على الصراعات الحزبية، لتجنيب البلاد مزيدًا من الأزمات والانقسامات.
لمتابعة حلقة «ساعة الظهيرة» عبر الرابط التالي:
تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.
للانضمام:


