الوصال ــ تحدّث المهندس علاء بن حسن بن موسى اللواتي، الرئيس التنفيذي لشركة «نماء لتوزيع الكهرباء»، في حلقة خاصة من برنامج «العهد السعيد» مع سالم العمري، عن جاهزية قطاع الكهرباء لمواكبة مشاريع التنمية العمرانية والصناعية والتحول الرقمي، مؤكّدًا أن الشركة تتحرّك برؤية متكاملة لتعزيز موثوقية الشبكة، وتمكين الاستثمار، ورفع القيمة المحلية المضافة، استعدادًا لمستقبلٍ تصبح فيه المنازل والمؤسسات «منتجًا ومستهلكًا» للطاقة في الوقت نفسه.

كهرباء مدينة السلطان هيثم

وأوضح المهندس علاء أن مدينة السلطان هيثم تحظى بأولوية خاصة لدى «نماء لتوزيع الكهرباء»، بوصفها أحد أهم المشاريع الوطنية على مستوى سلطنة عُمان. وبيّن أن الشركة تنفّذ حاليًّا ثلاث محطات رئيسية أولية لتغذية المدينة، بطاقة تتراوح بين 40 و60 ميجا فولت أمبير لكل محطة، متوقعًا اكتمال هذه المحطات خلال الأشهر الستة القادمة، لتشكّل المرحلة الأولى من منظومة تغذية المدينة الجديدة وتلبية احتياجاتها السكنية والاستثمارية المستقبلية.

استثمارات إنمائية سنوية

وتناول حجم الاستثمارات الإنمائية التي تنفّذها الشركة سنويًّا، مشيرًا إلى أن «نماء لتوزيع الكهرباء» تنفق ما بين 120 و140 مليون ريال عُماني سنويًّا على مشاريع توصيل الخدمة الكهربائية في مختلف محافظات سلطنة عُمان – باستثناء محافظة ظفار – وعلى تعزيز الشبكات وتجويد الخدمة. وأفاد بأن ما بين 50 إلى 60 بالمائة من هذه المبالغ يوجَّه إلى التوصيلات المباشرة للمشتركين السكنيين والتجاريين والصناعيين والزراعيين، بينما يخصّص الجزء الآخر لتعزيز الشبكات وإدخال التقنيات الحديثة ورقمنة المنظومة.

دعم المؤسسات الصغيرة

وتطرّق إلى دور القطاع في تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث أشار إلى أن الشركة تدعم ما يقارب 300 شركة صغيرة ومتوسطة تعمل في قطاع المقاولات الكهربائية، واصفًا هذا الدور بأنه «تمكين حقيقي» لهذه الفئة من الشركات للدخول في مشاريع الكهرباء ضمن اشتراطات مقنّنة، ولكن ليست صعبة أو معيقة، وهو ما يعكس اتساع الفرص أمام روّاد الأعمال العمانيين في هذا القطاع الحيوي. كما أشار إلى أن القطاع وفّر خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من ألف وظيفة مباشرة، كان آخرها طرح مئة وظيفة في هذا العام يجري استكمال مقابلاتها وبرامجها التدريبية الفنية.

تحسّن موثوقية الشبكة

وتناول المهندس علاء مؤشرات موثوقية شبكة التوزيع في سلطنة عُمان، موضحًا أن قياس الأداء يعتمد على ثلاثة مؤشرات رئيسية: معدل الانقطاع، ومعدل إعادة التيار، ونسبة الفاقد الكهربائي. وذكر أن التحسن في معدل الانقطاع خلال العامين الماضيين تجاوز 15 بالمائة، بينما بلغ التحسن خلال خمسة أعوام أكثر من 40 بالمائة، في حين تحسّن معدل إعادة الكهرباء للمشتركين بنحو 30 بالمائة خلال السنتين الأخيرتين، وبنحو 60 بالمائة خلال خمس سنوات. وأشار إلى أن نسبة الفاقد الكهربائي انخفضت من 9.5 بالمائة إلى نحو 7.95 بالمائة، لافتًا إلى أن تقليل الفاقد بنسبة 1 بالمائة فقط يوفّر ما يزيد على 11 مليون ريال عُماني سنويًّا، وهو ما يُعدّ إنجازًا مهمًّا يعكس كفاءة إدارة الشبكة.

العدادات الذكية والتحول الرقمي

وعند الحديث عن التحول الرقمي، أوضح أن مشروع العدادات الذكية يُعدّ «ركيزة التحول الرقمي» في قطاع التوزيع، حيث انتقلت الشركة من قراءة استهلاك الطاقة الفعلية فقط إلى قراءة طيف أوسع من البيانات اللحظية تشمل أنماط الأحمال وأنواع الطاقة المستخدمة، مما يمكّن من إدارة الفاقد، وتحسين جودة التزويد، والاستعداد للتوسع في الطاقة المتجددة. وبيّن أن العدادات الذكية تتيح فهمًا أعمق لطبيعة الأحمال الكهربائية في المنازل والمصانع، والتمييز بين الاستخدامات المختلفة مثل التكييف والإنارة والتبريد وغيرها، بما يساعد على تصميم حلول فنية أكثر دقة، ويُهيّئ الشبكة للتحولات القادمة مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية على أسطح المنازل.

المستهلك المنتج للطاقة

وأفاد بأن العالم يتجه إلى نموذج مختلف في إدارة الكهرباء، حيث لا يعود المشترك «مستهلكًا فقط» وإنما يصبح «مستهلكًا ومنتجًا للطاقة» في الوقت نفسه، من خلال الألواح الشمسية أو حلول الطاقة الموزّعة. وأشار إلى أن هذا التوجّه بدأ يظهر في سلطنة عُمان من خلال تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل والمنشآت، بحيث يُضَخّ ما يزيد على حاجة المستهلك إلى الشبكة ويُخصم من فاتورته، في معادلةٍ يمكن وصفها بأن الشركة «تشتري الكهرباء من المشترك بصورة غير مباشرة».

طاقة شمسية واعدة

ولفت المهندس علاء إلى أن توافر الإشعاع الشمسي لمدد طويلة خلال النهار في سلطنة عُمان يمنح مشاريع الطاقة الشمسية جدوى اقتصادية أعلى مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، ما يجعل من توسع هذا النوع من المشاريع خيارًا منطقيًّا واقتصاديًّا في المرحلة المقبلة. وأوضح أن استخدام الطاقة الشمسية لن يقتصر على المنازل، بل سيمتد إلى المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية، وأن من المتوقع أن تصبح سيارات المستقبل في عُمان قابلة للشحن عبر الطاقة الشمسية مباشرة، مما يرسّخ نموذجًا متكاملًا للطاقة النظيفة.

الاستعداد للسيارات الكهربائية

وتناول جاهزية الشبكة لاستيعاب التوسع في السيارات الكهربائية، مبينًا أن الشركة تعمل على محورين؛ أولهما: تهيئة شبكة التوزيع وقدراتها الاستيعابية بما يتناسب مع انتشار محطات شحن السيارات الكهربائية في مختلف المحافظات، من حيث مواقع الأحمال ومساحات المحطات وسعات التغذية. والثاني: خطة الشركة نفسها لاستبدال جزء من أسطول سياراتها التشغيلية إلى سيارات كهربائية خلال المدى القريب إلى المتوسط، لتكون جزءًا من التحوّل الذي تقوده على مستوى القطاع.

ترشيد التكاليف والأسعار

وفي جانب الأسعار، أوضح المهندس علاء أن تسعيرة الكهرباء تخضع لسياسات وهيئات تنظيمية مختصة، لكن الشركة ملتزمة بتطبيق ما يُطلب منها في مجال ترشيد النفقات وتحسين الكفاءة، سواء في المصاريف التشغيلية أو الاستثمارات الإنمائية. وذكر أن إعادة هيكلة شركات التوزيع والدمج الذي شهدته منظومة الكهرباء في السنوات الماضية ساهم في تقليل التكلفة العامة للمنظومة مقارنة بالسنوات السابقة، مع استمرار المتابعة والتدقيق على المؤشرات المالية لتحقيق أفضل توازن بين جودة الخدمة وكفاءة الإنفاق.

التعمين وبناء الكفاءات

وأشار إلى أن نسبة التعمين في شركة «نماء لتوزيع الكهرباء» تجاوزت 98 بالمائة، في مختلف المستويات الوظيفية. وأضاف أن نسبة التعمين في شركات المقاولات ذات العقود الدائمة ارتفعت من أقل من 30 بالمائة قبل سنوات إلى نحو 70 بالمائة حاليًّا، معتبرًا ذلك «تحولًا نوعيًّا» في قطاع يُعد العمل فيه فنيًّا ودقيقًا ويتطلب تدريبًا وتأهيلًا عاليي المستوى بسبب المخاطر المرتبطة بالطاقة الكهربائية. وأكد أن الشركة تسعى خلال المرحلة المقبلة إلى رفع نسب التعمين في عقود المقاولات قصيرة الأجل كذلك، عبر برامج تدريب وتأهيل تستهدف الشباب العماني للانخراط في الأعمال الفنية الميدانية.

القيمة المحلية المضافة

وتحدث المهندس علاء عن القيمة المحلية المضافة بوصفها أحد محاور العمل الأساسية في الشركة، مشيرًا إلى أن أهم مادتين تُستخدمان في قطاع توزيع الكهرباء – الكابلات الكهربائية والمحولات – تُنتجان محليًّا بالكامل، من خلال ثلاثة مصانع للكابلات ونحو أربعة مصانع للمحولات في سلطنة عُمان، ما يعزز سلاسل الإمداد ويرفع مساهمة الصناعة الوطنية. كما أشار إلى أن الشركة تدعم حاليًّا توطين صناعة العدادات الذكية من خلال أحد المصانع المحلية، ليس فقط لتصنيع الأجهزة، بل لبناء كفاءات وطنية قادرة على صيانتها وتطويرها وتحليل بياناتها، باعتبارها جزءًا من منظومة التحول الرقمي للشبكة.

فرص استثمارية جديدة

وعند حديثه عن الفرص المتاحة للمستثمرين وروّاد الأعمال، بيّن أن قطاع الكهرباء ما يزال واسعًا وقابلًا لدخول صناعات وحلول جديدة، من بينها تصنيع الأعمدة الحديدية وبدائل الأعمدة الخشبية، والأعمدة المصنوعة من الألياف الزجاجية، والقواطع الكهربائية، والصناديق الكهربائية، إضافة إلى حلول الشبكات الذكية والبرمجيات والأنظمة الرقمية لإدارة الشبكات والأحمال. وأكد أن الشركة ترحّب بأي مستثمر يأتي بحلول ذكية مستدامة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتطوير شبكات التوزيع، لافتًا إلى أن توسع استخدام الطاقة المتجددة سيخلق فرصًا متزايدة في تركيب الألواح الشمسية وإدارة مشاريعها في القطاعات السكنية والزراعية والصناعية.

الشبكة الذكية والعقل الرقمي

وتناول المهندس علاء مشروع «التحويل التلقائي للأحمال» بوصفه نموذجًا تطبيقيًّا لفكرة «العقل الذكي للشبكة»، موضحًا أن المشروع التجريبي في إحدى مناطق محافظة مسقط يتيح للشبكة تشخيص الأعطال وعزل المقاطع المتضررة وإعادة التيار إلى أكبر عدد ممكن من المشتركين بشكل آلي، دون الحاجة لتدخل بشري مباشر، بدلًا من الأسلوب التقليدي الذي يعتمد على إرسال فرق ميدانية وتوجيهات مركز التحكم خطوة بخطوة. وأوضح أن هذه المشاريع تمثّل جزءًا من رؤية أوسع لتحويل الشبكة من منظومة خطية تقليدية إلى منظومة ديناميكية تتعامل مع تدفقات الطاقة في أكثر من اتجاه، وتتكيف مع إدخال الطاقة المتجددة، وتتحكم في مستويات الجهد والفواقد بصورة لحظية.

تجربة المشترك والبلاغات

وفي ما يتعلق بتحسين تجربة المشترك، أشار إلى أن الشركة تعمل على برنامج جديد لإدارة البلاغات سيتم تدشينه على مستوى أوسع خلال الفترة المقبلة، يتيح للمشترك متابعة بلاغه عن الانقطاع لحظة بلحظة، ومعرفة حركة مركبة الصيانة ووقت وصولها المتوقع، وتلقي إشعار آلي عند معالجة العطل، في تجربة تشبه تطبيقات توصيل الطلبات من حيث الشفافية والمتابعة الآنية. وذكر أن المرحلة التجريبية بدأت في محافظة مسقط، مع خطة للتوسع في باقي المحافظات، مستهدفًا أن يصبح متوسط زمن توصيل الكهرباء للمنازل الجديدة أقل من يوم واحد، بعدما انخفض الزمن من نحو ثلاثة أيام سابقًا إلى يوم ونصف تقريبًا في الوقت الحالي، بالتوازي مع الربط الإلكتروني مع البلديات لتفادي اكتمال بناء المنازل دون جاهزية شبكة الكهرباء.

السلامة والتوعية المجتمعية

ولفت المهندس علاء إلى أن التواصل المباشر مع المجتمع جزء أساسي من خطة الشركة، من خلال زيارات منتظمة للمحافظين والولاة، والالتقاء بالمواطنين في الميدان، والاستماع إلى ملاحظاتهم وتحدياتهم. وأوضح أن جانب السلامة يحتل مكانة متقدمة في عمل «نماء لتوزيع الكهرباء»، حيث خصصت الشركة آلية خاصة للتعامل السريع مع البلاغات المتعلقة بالمخاطر الكهربائية، إضافة إلى برامج توعية في المدارس والجامعات والمعاهد الفنية لتعريف المجتمع بأساسيات التعامل الآمن مع الشبكات، وتحويل المشترك إلى «شريك في السلامة» من خلال الإبلاغ الفوري عن أي مظهر من مظاهر الخطورة على الشبكة أو محيطها.

تكامل خليجي ودولي

وتطرّق إلى التعاون الخليجي والدولي في مجال الكهرباء، موضحًا أن ترابط الشبكات الخليجية على مستوى النقل يواكبه تعاون فني في مجالات التوزيع وتبادل الخبرات، خاصة وأن جهود، وجهود التوزيع تختلف من دولة لأخرى من حيث الجهد المستخدم وطبيعة الشبكات. وبيّن أن المشاركة في المؤتمرات والمنتديات المتخصصة عالميًّا وإقليميًّا تساعد الشركة على متابعة التوجهات الحديثة في التكنولوجيا، وفهم «إلى أين يتجه العالم» في مجال الكهرباء، ومن ثم مواءمة خططها مع هذه التحولات.

ملامح كهرباء المستقبل

واختتم المهندس علاء بن حسن اللواتي بتأكيد أن منظومة الكهرباء في العالم تتغير جذريًّا، من نموذج يبدأ بالتوليد وينتهي بالمستهلك، إلى نموذج متداخل يصبح فيه المشترك «منتجًا ومستهلكًا» في آن واحد، وتتحول فيه الشبكات إلى منظومات ذكية تشبه شبكات الإنترنت من حيث مرونة التدفق وتبادل البيانات والطاقة. وأوضح أن جاهزية قطاع الكهرباء في سلطنة عُمان، واستثمارات التوزيع، وارتفاع نسب التعمين، وتعاظم القيمة المحلية المضافة، كلها عوامل تجعل القطاع مهيّأً لمواكبة هذه التحولات، وخدمة مشاريع التنمية الكبرى مثل مدينة السلطان هيثم والمناطق الصناعية والمشاريع المستقبلية التي تعوّل عليها رؤية «عُمان 2040» في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

لمتابعة حلقة «العهد السعيد» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو