الوصال ــ في حلقة خاصة ببرنامج «العهد السعيد» مع سالم العمري، قدّم سعادة المهندس خميس بن محمد الشماخي وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل قراءة شاملة لمشاريع الطرق والموانئ والمنظومة اللوجستية في سلطنة عُمان، مؤكدًا أن ما تحقق في قطاع النقل نتيجة رؤية واضحة وإرادة عمل تتكامل فيها جهود الحكومة والقطاع الخاص.

تطوير الطرق الرئيسة

وتحدّث سعادته عن مشروع تطوير شارع 18 نوفمبر في محافظة مسقط، موضحًا أنه يهدف إلى رفع كفاءة الطريق ومعالجة الاختناقات المرورية في محيط الموج والبهجة والمناطق المجاورة، عبر جسور علوية وأنفاق سفلية وتحويل الدوارات إلى تقاطعات متعددة الحارات تربط حتى تقاطع الإشراق وجسر الموالح، بما يضمن انسيابية الحركة في الاتجاهين.

وتوقف عند مشروع طريق السلطان فيصل بن تركي الرابط بين دبا وليما وخصب في مسندم، مشيرًا إلى أن نسبة الإنجاز بلغت نحو 60%، وأن المشروع يمثل واحدًا من أكثر التحديات الهندسية تعقيدًا بسبب وعورة الجبال واختلاف طبيعة الصخور، وهو من أوائل المشاريع التي استُخدم فيها الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة لتحديد المسار، مع تحمّل المقاول للمخاطر الجيوتقنية المرتبطة بميكانيكية الصخور.

وأوضح أن الوزارة تعتمد أدلة تصميمية خاصة بنِسَب الانحدار وطول المقاطع، مع الموازنة بين السلامة والتكلفة، وأن تصنيف الطريق (وطني، رئيسي، حضري) يحدد الحدود المسموح بها من الانحدار، مستفيدين من التجارب الأوروبية والأمريكية مع تكييفها لواقع التضاريس العُمانية.

مشروعات الربط والسياحة

انتقل سعادته للحديث عن مشروع القطار العُماني–الإماراتي، موضحًا أنه مشروع تجاري استثماري مشترك بين مجموعة «أسياد» ممثلة عن جهاز الاستثمار العُماني وجهاز أبوظبي لقطارات الاتحاد، من خلال تحالف تم تأسيسه تحت مسمى «شركة حفيت»، ويقوم على أسس تجارية مرتبطة بأحجام البضائع والنقل بالأفراد.

وأشار إلى أن المشروع يمضي بوتيرة جيدة وفق التقارير الواردة إلى الوزارة، وأن نسبة الإنجاز تجاوزت 45% تقريبًا، مع تركيز كبير حاليًّا على شق المسار وتهيئة البنية التحتية، وقد استلمت الفرق المختصة بالفعل أجزاء من السكك الحديدية في الموقع عبر ميناء صحار، ما يعكس تقدم الأعمال كما هو مخطط له.

طريق السلطان سعيد بن تيمور

وانتقل سعادته إلى الحديث عن مشروع طريق السلطان سعيد بن تيمور، موضحًا أنه من المشاريع الوطنية الكبيرة، إذ تبلغ كلفته نحو 250 مليون ريال عُماني، وهو ما يجعله مشروعًا ضخمًا من حيث حجم الأعمال.

وبيّن أن المقاولين بدأوا العمل ميدانيًّا، وأن نسب الإنجاز والمؤشرات الأولية مطمئنة، وهناك حماس كبير لدى الشركات المنفذة، التي تضم تحالفات عُمانية ــ سعودية، تتمتع بملاءة فنية ومالية جيدة، ما يجعل التحديات تحت السيطرة.

وأشار إلى أن التحدي الأكبر في هذا المشروع يكمن في طول المسار وبعض المناطق التي تتعرض للغمر المائي بين قتبيت ومقشن، والتي تتطلب حلولًا هندسية خاصة، موضحًا أن هناك مقطعًا بطول 30 كيلومترًا لم يُستكمل سابقًا مع شركة سابقة وتم سحب العمل منها قبل نحو سنتين، وقد أُسند مجددًا بموجب إجراءات جديدة.

ولفت سعادته إلى أن المشروع يولي أهمية خاصة لمركز ولاية الهيماء، إذ حرصت الوزارة على ألّا يكون الحل مجرد إنشاء جسر يمر فوق الولاية، بل تقاطع يُبقي الحركة داخل المركز ويجعل من الهيماء محطة مهمة، خصوصًا خلال موسم الخريف، مع إنشاء شوارع داخلية وازدواجية داخل الولاية لتحسين الحركة وتنشيط السوق المحلي.

وأوضح أنه جرى التعاون مع مكتب سعادة محافظ الوسطى لتنفيذ عدد من المشروعات المكملة، مثل محطة النقل العام وحدائق عند مدخل الهيماء، إضافة إلى ثلاث محطات بُنيت بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تم افتتاح بعضها لأول مرة في عمان، بما يعكس التكامل بين الوزارة والمحافظة في تطوير المنطقة.

وفي مجال الطرق السياحية، أشار إلى مبادرة «الربط السياحي» التي تشمل استكمال أجزاء من طريق جبل شمس وربط القرى السياحية، ومشاريع تأهيل الطرق في الجبل الأخضر من «سيق/سيح قطنة» باتجاه مشروع الجبل العالي ووادي بني حبيب، إلى جانب مشروع طريق الجبل الأبيض المؤهل للصعود إلى القمم وزيارة المواقع الطبيعية والأثرية، فضلًا عن حزمة مشاريع الطرق في محافظة ظفار، مثل نفق أتين وتطوير شارع الفاروق وطريق السلطان تيمور بن فيصل الساحلي وتحسين الطرق الرابطة بالمناطق الغربية حتى ضلكوت.

ولفت إلى أن سرعة إنجاز بعض هذه المشاريع – خصوصًا في صلالة – تعود إلى تلاقي «الإرادة» لدى فرق العمل مع انتظام التدفقات المالية للمقاولين، ما عزز ثقة المواطنين في قدرة الوزارة على إنجاز المشاريع في مدد قياسية.

إدارة المشاريع والمدفوعات

وتناول سعادة الوكيل ملف تأخر المدفوعات للمقاولين في مراحل سابقة، موضحًا أن الوزارة تبنّت مسارًا جديدًا يقوم على ضبط الأوامر التغييرية وعدم تضخيم المشاريع، وتحسين العلاقة بين الوزارة والاستشاري والمقاول بوصفهم «مثلثًا واحدًا»، مع عقد اجتماعات أسبوعية في بعض المشاريع الحساسة بحضور معالي الوزير مباشرة مع المقاولين.

وأضاف أن الوزارة تتابع منحنيات الإنجاز الميداني مقابل الصرف المالي، بحيث لا تُجمّد فواتير كاملة بسبب ملاحظات على أجزاء بسيطة منها، بل يُصرَف المستحق الواضح ويُعالج الباقي لاحقًا في الحساب الختامي، في إطار حوكمة عملية لإدارة المشاريع تسهم في تسريع الإنجاز وتقليل شكاوى المقاولين.

الموانئ والحياد الكربوني

وفي محور الموانئ، أوضح سعادته أن الوزارة تركز على ثلاثة مسارات: جذب الاستثمارات الجديدة، وتحويل الموانئ إلى »موانئ خضراء»، وزيادة مساهمتها في الاستيراد وإعادة التصدير. وأشار إلى توقيع اتفاقيات بمئات الملايين في مجالات وقود السفن النظيف والمستدام، وتوسعة الاستثمارات في موانئ شناص والسويق وخصب، والمضي في تطوير موانئ متخصصة بالتعدين مثل ميناء «منجي» و «الشويمية» في محافظة الوسطى.

وبيّن أن موانئ صحار والدقم وصلالة موضوعة في مسار التحول إلى موانئ خضراء، عبر الارتباط بخطط الهيدروجين الأخضر والوقود منخفض الكربون، مشيرًا إلى توقيع أول «ممر أخضر» مع ميناء روتردام، والعمل على مبادرات إدخال الطاقة الكهربائية لشحن السفن وأتمتة خدمات الموانئ عبر منصة «مجتمع الموانئ».

ميناء السلطان قابوس والتكسي المائي

وأوضح سعادته أن ميناء السلطان قابوس يركز حاليًّا على استقبال السفن السياحية وبعض الأنشطة المرتبطة بالأمن الغذائي مثل الحبوب، مع إعادة تفعيل عدد من الخدمات البحرية وتوقيع مناقصة لتحويله إلى مركز لتبديل أطقم السفن وتسويق سلطنة عمان كدولة «عَلَم»، بما ينعكس على حركة المطار والخدمات اللوجستية في محيط الميناء.

كما أشار إلى مشروع التوسعة عبر أعمال الردم لتوفير مساحات إضافية للاستثمار السياحي وربط الميناء بمشروعات الواجهة البحرية في مطرح والتلفريك والميدان الفائز بجائزة صاحب  السمو السيد بلعرب بن هيثم، بما يعزز مكانة المنطقة كواجهة سياحية متكاملة.

وتحدّث عن مشروع «التكسي المائي» في محافظات مسقط وجنوب الشرقية ومسندم، موضحًا أن المناقصة أُسندت لتحالف بين «مواصلات» والقطاع الخاص، وأن الفكرة تقوم على استغلال المراسي والألسنة البحرية لنقل الركاب والسائحين بين نقاط متعددة على الساحل، كوسيلة نقل وخبرة سياحية في الوقت نفسه.

تكامل المنظومة اللوجستية

واختتم سعادة المهندس خميس الشماخي بالإشارة إلى أهمية الربط بين الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، ضاربًا مثالًا بمنظومة ميناء صلالة ومطار صلالة ومنفذ المزيونة، حيث يجري العمل على تحويل الميناء إلى بوابة حقيقية للاستيراد وإعادة التصدير، مع الاستفادة من المرافق الجاهزة لتصدير الأسماك المجمّدة وسلاسل التبريد، وربط ذلك بالحركة البرية نحو دول الجوار.

وأشار إلى أن «اللجنة الوزارية لتكامل المنظومة اللوجستية» تجمع أصحاب المعالي الوزراء المعنيين في طاولة واحدة لمناقشة التحديات والمبادرات المشتركة، مؤكدًا أن المتطلبات الأساسية متوافرة، وأن الرهان يبقى على استمرار الإرادة والتنسيق، بما يحقق طموحات عُمان في أن تكون مركزًا لوجستيًا عالميًا.

لمتابعة حلقة «العهد السعيد» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو