الوصال ــ استعرض الدكتور محمد بن خلفان العاصمي، الأمين العام المساعد لشؤون الجلسات بمجلس الشورى، في حديثه لبرنامج «ساعة الظهيرة» رؤية شاملة حول العلاقة التكاملية بين التعليم وسوق العمل، مؤكدًا أن التعليم الجيد هو الأساس لأي تنمية حقيقية، وأن الدولة التي ترغب في بناء اقتصاد متوازن لا بد أن تجعل التعليم في صلب سياساتها التنموية.

التعليم بوابة التنمية

وأوضح العاصمي أن التعليم ليس مجرد تلقٍ للمعرفة، بل منظومة متكاملة تهدف إلى بناء الإنسان الفعّال في مجتمعه، وتنمية القدرات الفكرية والمهارية والوجدانية. وأضاف أن الحكومات لا تستثمر في التعليم عبثًا، بل لتحقيق أهداف وطنية كبرى منها رفع الوعي وتقليل الفقر وتعزيز الأمن الوطني والاقتصادي، مشيرًا إلى أن التعليم الجيد أحد أهم أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة ضمن أجندة 2030.

مواءمة التعليم مع سوق العمل

وتطرق العاصمي إلى أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب توازنًا دقيقًا بين التعليم وسوق العمل، بحيث تُصاغ سياسات التعليم وفق احتياجات السوق، ويشارك القطاع الخاص في رسم توجهاته المستقبلية. وأوضح أن الاقتصادات المتقدمة تربط بين المعرفة والإنتاج، فالقطاع الخاص هناك يمول البحث العلمي والابتكار لأنه يدرك أثر التعليم المباشر في نمو الاقتصاد وزيادة رأس المال.

المهارات المطلوبة للعصر الحديث

وأمد العاصمي الحديث على أهمية المهارات الحديثة، مثل التفكير النقدي والإبداع والتقنيات المهنية، باعتبارها أدوات تمكّن الفرد من الاندماج في سوق العمل بفعالية. وأشار إلى أن التعليم اليوم يجب أن يتجاوز التخصص الأكاديمي الضيق، ليمنح المتعلم مهارات الحياة والعمل، مؤكدًا أن «التعليم من أجل التعليم» لم يعد كافيًا في ظل تسارع التحولات الاقتصادية.

التحديات والاحصاءات

وناقش العاصمي واقع المخرجات التعليمية، مبيّنًا أن بعض التخصصات لا تجد طريقها إلى سوق العمل، بينما هناك قطاعات تعاني نقصًا في الكفاءات المطلوبة. ودعا إلى رصد دقيق للأرقام والمؤشرات المتعلقة بعدد الخريجين وفرص التوظيف، مؤكدًا أن وجود هذه البيانات هو الأساس لتقييم فعالية الخطط الاستراتيجية وتعديل المسار عند الحاجة.

قراءة واقعية للمؤشرات

وأكد العاصمي على ضرورة قراءة المؤشرات السلبية قبل الإيجابية بشجاعة وموضوعية، معتبرًا أن إنكار التحديات لا يحلها بل يعمقها. وقال إن المرحلة الحالية تتطلب مواجهة مباشرة للتحديات وتغذية راجعة مستمرة لتحسين جودة التعليم ومخرجاته.

استثمار المواطن وتنمية الفرص

ولفت العاصمي إلى أن كل مواطن يمثل فرصة استثمارية للدولة، لذلك لا ينبغي أن يكون الخريج باحثًا عن عمل، بل شريكًا في التنمية من خلال العمل أو ريادة الأعمال. وأكد أن تقليص الفجوة بين الخريجين والوظائف يحتاج إلى حلول مبتكرة وتخطيط مبكر يبدأ من مقاعد الدراسة، مشيرًا إلى أن الأسواق العالمية تواجه التحدي نفسه، لكن النجاح يكمن في تجاوز التراكم ومعالجة الأسباب لا النتائج.

الانفتاح والاستفادة من الخبرات

وتناول العاصمي في ختام حديثه أهمية سياسة الانفتاح والاستفادة من الكفاءات الأجنبية، موضحًا أن الدول المتقدمة لا تستغني عن الخبرات العالمية، بل تستقطبها ضمن رؤية محددة لنقل المعرفة وتدريب الكوادر الوطنية. وأردف أن الموازنة بين استيعاب الكفاءات الخارجية وتمكين المواطن العُماني تمثل «ركيزة أساسية» لتحقيق التنمية المستدامة.

وختم الدكتور محمد العاصمي حديثه بالتأكيد على أن التعليم هو حجر الأساس في عملية التنمية، وأن العلاقة بين التعليم وسوق العمل يجب أن تكون «تبادلية وتكاملية» لضمان اقتصاد متوازن ومستقبل مزدهر لعُمان.

لمتابعة حلقة «ساعة الظهيرة» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو