الوصال - سالم العمري

لتطور الغرب التكنلوجي والتقني والعلمي وهيمنته على مقدرات العالم لعدة قرون، فرض الغرب رؤاه ووضع قواعد النظام العالمي بشقيه الاقتصادي والسياسي. ومع أن الهيمنة الغربية وخاصة الأمريكية تراوحت في تعاطيها من منطقة لمنطقة ومن مدة زمنية إلى أخرى إلا أن هذه الهيمنة لم تكن فجة وقبيحة مثل ما تقوم به الآن في التعاطي مع الشأن الإنساني في غزة، كذلك فإن مساحة ثقة بقية حلفائها في العالم لم تتراجع فقط، بل تكاد تتلاشى باستثناء حليف واحد لا شريك له في عقل وقلب صناع القرار في واشنطن وهو إسرائيل. إذ يثبت الغرب وقائد الغرب (كان يطلق على ساكن البيت الأبيض قائد العالم الحر) أن لا قيمة لبقية حلفائهم في العالم وأن المقولة المنسوبة للراحل حسني مبارك (المتغطي بالأمريكان عريان) هي مقولة صحيحة لكل من آمن بواشنطن طبعا مع الاستثناء إسرائيل.

صحيح أننا في هذه المنطقة من العالم سنظل مواصلين للعلاقات مع العواصم الغربية والتي كانت هي أفضل الخيارات المتاحة أمامنا في وقت من الأوقات وصحيح أن قطعها غير ممكن عمليا للتشابكات الاقتصادية التي فرضتها العولمة وتأخر الشرق في زمن مضى وظروفنا كذلك، لكن اليوم مع تقدم نقاط جديدة في الشرق مثل الصين والهند، وجهود عودة روسيا للساحة الدولية فإن تنويع الخيارات في العلاقات الاقتصادية خاصة أمر أصبح لا بد منه وكمواطن أشعر بعظيم الامتنان بأن هناك حراكا متواصلا لتعزيز تنويع الخيارات الاقتصادية وزيارة مولاي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه إلى الهند وسنغافورة خطوة مهمة في ما يطمح له المواطن العماني من تعزيز التنويع في علاقات عمان اقتصاديا وكذلك لقاء سيدي صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم -وفقه الله- بالرئيس الروسي بوتين تسير في خدمة ذات الهدف.

وبلا شك فإن هذه الزيارات تلعب دورا مهما في تفعيل الجانب الاقتصادي بما يخدم الوطن والمواطن أولا وبما يتيح لنا خيارات اقتصادية أكثر وأوسع وما يحقق رغبة كثير من العمانيين بأن يكون انفتاحنا على الشرق أكبر وأن نخفف من التأثير الاقتصادي للغرب بقدر ما نستطيع أو على الأقل نخفف من حدته. إذ أن كثيرا من المواطنين اليوم في عُمان مثل كثيرين في أماكن كثيرة من العالم نشعر بعدم الثقة في الاعتماد في كثير من المجالات على الغرب وحده بعد فجاجة التعامل مع الوضع الإنساني في غزة، فكيف نثق بأن العلاقات الاقتصادية مع هذا الغرب ستكون دائما جيدة أو على أقل تقدير في وضع فيه الحد الأدنى مما يخدمنا. 

 

--:--
--:--
استمع للراديو