رئيس وزراء بريطانيا الجديد وتاتا ورنج روفر

الوصال- سالم العمري

قبل فترة قرأت كتاباً عنوانه(جواهر في التاج) يحكي قصة استحواذ شركة تاتا الهندية على جاكوار ولاندروفر في عام ٢٠٠٨ ويتحدث عن كيف حولت الشركة الهندية إنتاجات العلامتين التجاريتين إلى منتجات ناجحة بعد أن واجهت الشركة تحديات وخسارات كثيرة لسنوات طويلة وسمعة سيئة ارتبطت بها وهي أنها سيارات ذات شكل جميل ولكنها بأعطال كبيرة وشبه يومية حتى أصبح ينطبق عليها المثل المصري (من بره هالله هالله،ومن جوه يعلم الله).
وما أن استلمت تاتا القيادة والسيطرة حتى بدأ كل شيء في الشركة يتحسن وبدأت الثقة في عملية وموثوقية سيارات لاندروفر وجاكوار تصعد تدريجيا.

لم يكن غريبا أنه عند الإعلان في عام ٢٠٠٨ أن شركة تاتا القادمة من الهند ستكون هي المالكة لمصانع السيارات التي تقودها الملكة والأسرة المالكة وعلية القوم في المملكة المتحدة وكثير من رموز أهم الأسر المالكة في العالم أن يُقابل الأمر بالاستهجان والتشكيك . تشكيك يكاد أن يكون أكبر من اللغط الذي واجهه رئيس الوزراء البريطاني الحالي ذو الأصول الهندية ريشي سوناك عند استلامه المنصب.

كان إنقاذ جاكوار ولاندروفر أشبه بالمعجزة ونجحت تاتا في ذلك ، فهل ينجح سوناك القادم من أصول هندية في إنقاذ الاقتصاد البريطاني الذي وصل ألمه إلى العظم؟..
هذا بلا شك امتحان صعب جداً. وإذا كان لدى سوناك القدرة والأدوات المناسبة للإجابة على أسئلة الامتحان فهل المدة الممنوحة له ستكون كافية لينجح على الأقل بنسبة تحفظ وجه حزب المحافظين ووجهه ،أم أن المدة ستكون أقصر مما يطمح إليه. إذ يصعب أن يطول صبر البريطانيين قبل أن تُحشد النداءات والضغوط للمطالبة بانتخابات عامة في أسرع وقت ممكن وإن لم يتم الاستجابة لتلك الضغوط ففي كل الأحوال من المفترض أن تكون الانتخابات العامة في مايو من العام ٢٠٢٤ ، أي لدى سوناك أقل من سنتين، وهي مدة بلاشك يصعب أن يصلح فيها ما أفسده هو وبوريس جونسون وتريزا ماي وكاميرون وفريق المحافظين الحالي.

أمران مهمان يحق لسوناك أن يطمئن إليهما؛ أنه على الأقل لن يسخر أحد من قصر مدة توليه للمنصب فقد أخذت ليز تراس عنه هذا الحِمل، والأمر الآخر أنه دخل التاريخ كونه أول رئيس وزراء للتاج ترتبط جذوره ببلدين استعمرهما التاج البريطاني :الهند التي كان فيها أسلافه وأجداده، وكينيا التي كان فيها والده.

ولكن دخول سوناك التاريخ من عدمه أمر لا يهم معظم البريطانيين فلم يعد يهم ما هي جنسية الشركة التي تصنع سيارة رنج روفر ‏ أو ما هي أصول الشخص الذي يذهب في سيارة رنج روفر لمقابلة الملك لتكليفه برئاسة الوزراء، كل ما يهم معظم البريطانيين الآن اقتصاد وحياة أفضل