الدكتور محمد المشيخي لـ«الوصال»: جيل الألفا وُلد مع الإنترنت ويحتاج إلى توجيه يوازن بين الإبداع والمسؤولية الرقمية
ساعة الظهيرة
الوصال ـــ تناول الأكاديمي والباحث في الرأي العام والاتصال الجماهيري الدكتور محمد بن عوض المشيخي في حديثه عبر برنامج «ساعة الظهيرة» بإذاعة الوصال تحليله الاجتماعي والإعلامي لمقاله المنشور بعنوان «ست ساعات على المنصات.. ماذا يخسر المجتمع العُماني وماذا يكسب؟»، متحدثًا عن التحولات الرقمية التي يشهدها المجتمع وتأثيرها المباشر في تشكيل وعي جيل الألفا، الذي يعد أول جيل يولد متصلًا بالإنترنت منذ لحظاته الأولى.
ساعات طويلة وتأثيرات متعددة
وأوضح الدكتور المشيخي أن قضاء الأفراد أكثر من ست ساعات يوميًا أمام الشاشات يمثل مؤشرًا مقلقًا يجب دراسته بعمق، مشيرًا إلى أن هذه المنصات رغم ما توفره من فرص للتثقيف والتواصل، إلا أنها تحمل في طياتها تحديات نفسية واجتماعية كالتوتر والقلق وإهدار الوقت على حساب الحياة الاجتماعية والثقافية.
وأشار إلى أن الاستخدام المفرط للمنصات الرقمية يؤدي إلى اضطراب في نمط التفكير وتراجع في الإنتاجية، مبينًا أن المجتمع بحاجة إلى وعي متوازن يقوم على الاعتدال في التعامل مع التقنية، بحيث تكون وسيلة للتنمية لا مصدرًا للانشغال والعزلة.
سمات جيل الألفا
وتطرّق الدكتور المشيخي إلى الملامح المميزة لجيل الألفا، موضحًا أنه جيل يمتلك ذكاء رقميًا وقدرات إبداعية واستقلالية في التفكير، لكنه يواجه تحديًا يتمثل في فيض المعلومات وصعوبة التحقق من مصداقيتها.
وبيّن أن هذا الجيل يرفض التلقين التقليدي ويعتمد على ذاته في البحث عن المعرفة، مما يجعله أكثر ارتباطًا بأقرانه من تلقيه للتوجيه من الكبار. وأكد أن من الجوانب الإيجابية في هذا الجيل قدرته العالية على التواصل العالمي والإنتاج الرقمي وريادة الأعمال، بينما تكمن الخطورة في ضعف ارتباطه بالهوية المحلية إذا لم يُوجَّه بصورة صحيحة.
الحروب الرقمية والتأثير غير المباشر
وناقش الدكتور المشيخي ما وصفه بـ الحروب الرقمية الخفية التي تستهدف الشباب حول العالم عبر حملات تضليل ممنهجة ومحتوى مؤدلج يوجّه الرأي العام.
ولفت إلى أن جيل "Z" السابق للألفا شهد سلوكًا متمردًا على المؤسسات التربوية والإعلامية، معتمدًا فقط على قناعاته الخاصة، مؤكدًا أن تكرار هذا النمط لدى الجيل الجديد قد يؤدي إلى خلل في منظومة القيم والأمن الفكري.
وأوضح أن الخطر الأكبر يكمن في قدرة الخوارزميات على تشكيل قناعات المستخدمين وتغذية الانعزال الفكري عبر المحتوى الموجَّه، مما يستدعي إعداد برامج توعية وتربية رقمية تحصّن الجيل من التلاعب بالمعلومة.
قيم جديدة ورؤية كونية
وأشار الدكتور المشيخي إلى أن جيل الألفا يتميز بـ نظرة كونية تتجاوز الحدود الوطنية، إذ يرى نفسه جزءًا من العالم لا من وطنه فقط، معتبرًا ذلك تحوّلًا ثقافيًا يحتاج إلى توجيه وتوازن. وأوضح أن هذا الجيل رغم ميله إلى الخصوصية والانغلاق الرقمي إلا أنه يُقدّر القيم الإنسانية مثل احترام البيئة والتنوع الثقافي، وهي قيم يجب استثمارها لبناء وعي عالمي مسؤول يعزّز مكانة عُمان في المشهد الرقمي الدولي.
دراسات واستراتيجيات وطنية
وأكد الدكتور المشيخي أن متوسط استخدام العُمانيين لوسائل التواصل البالغ ست ساعات يوميًا يشكل ضعف المعدل العالمي، معتبرًا ذلك إشارة تستوجب دراسة معمقة لوضع سياسات وطنية تنظم علاقة المجتمع بالتكنولوجيا.
وتحدّث عن أهمية إجراء بحوث متخصصة في السلوك الرقمي لتحديد الاتجاهات المستقبلية، مشيرًا إلى أن «الذكاء لا يكون في رفض التقنية بل في إدارتها بوعي ومسؤولية».
وأضاف أن المطلوب اليوم هو إطلاق استراتيجيات للتربية الإعلامية والرقمية تمكّن الأسر والمؤسسات التعليمية من التعامل مع جيل الألفا بعقلانية تحفظ توازنه النفسي والاجتماعي.
واختتم الدكتور محمد المشيخي حديثه بالتأكيد على أن جيل الألفا يمثل فرصة وطنية إذا ما أُحسن الاستثمار في قدراته، مضيفًا أن مستقبل عُمان يعتمد على شبابٍ قادرين على الإبداع والتفكير النقدي والتمييز بين الصحيح والمضلل.
وأوضح أن الحل لا يكمن في المنع أو التخويف من التكنولوجيا، بل في غرس ثقافة الوعي والاعتدال، مشيرًا إلى أن المجتمع يحتاج إلى جيل رقمي متوازن «يعرف كيف يعيش في العالم الرقمي دون أن يفقد جذوره».
لمتابعة حلقة «ساعة الظهيرة» عبر الرابط التالي:
تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.
للانضمام:


