الوصال ــ أكد رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية الدكتور محمد العريمي في حديثه لـ «منتدى الوصال» على أنّ العلاقة العُمانية ـ اللبنانية تمتد جذورها إلى ما يقارب ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، رافعةً تاريخية وثقافية «نادرة» ينبغي البناء عليها لصوغ تعاونٍ حديثٍ أرفع. وأشار إلى أنّ بيروت كانت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات «نقطة تنوير» خليجية، وأنّ رموزًا عُمانية عديدة درست هناك، ويكفي أنّ جلالة السُّلطان هيثم بن طارق تلقّى جزءًا من تعليمه في مدرسة الشويفات. كما لفت إلى التمازج الثقافي والإعلامي بين المدرستين العُمانية واللبنانية، مستذكرًا أسماء أدبية وإعلامية عُمانية طبعت ونشرت في بيروت، بما يعزّز فرص التلاقح الإبداعي والمشاريع المشتركة.

حيادٌ مُتماسك وثقةٌ دبلوماسية

وأوضح العريمي أنّ العلاقات الرسمية الحديثة بين البلدين انطلقت عام 1972 بافتتاح السفارة، ولم تشهد خلال العقود الخمسة الماضية «توترات تُذكر» رغم مخاضات الإقليم؛ إذ تمسّكت عُمان بثبات نهجها: احترام الشرعية اللبنانية، والابتعاد عن التحزّبات داخل «الموزاييك» الحزبي والطائفي، ما أكسبها احترام مختلف الحكومات المتعاقبة. وبيّن أنّ الدولة العُمانية قدّمت دائمًا صورة «نهج دبلوماسي منخفض التصعيد» يحترم القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويجتهد لترجمة موادّه عمليًا في القضايا العربية والإنسانية.

وساطةٌ رصينة وأدوارٌ إقليمية

وأكد العريمي على أنّ زيارة فخامة الرئيس اللبناني لمسقط لم تأتِ صدفة، بل نتيجة «موثوقية» السياسة الخارجية العُمانية وشراكاتها الواسعة مع فواعل الإقليم. واستحضر نماذج عملية عابرة للملفات: من دعم المسار اليمني، إلى المساهمة في إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، مرورًا بأدوار مسقط الهادئة في الملف النووي الإيراني وجهود إطلاق محتجزين، مؤكّدًا أنّ «ثبات المنهج وسرّية القنوات وشفافية المقاربة وغياب الأطماع» عناصر منحت عُمان قدرةً خاصة على تفكيك التعقيدات.

توازن لبنان وسوريا.. انعكاسات متبادلة

وربط العريمي بين هدوء الساحتين اللبنانية والسورية بحكم «دول الطوق»، معتبرًا أنّ أي تصعيد هنا ينعكس هناك، والعكس صحيح؛ لذلك يرى أن ما يجري من محاولات «لملمة الملفات» وخطابات أكثر شفافيّة لدى الطرفين يشي برغبةٍ جادّة في معالجة الداخل وتخفيف التدخلات الإقليمية والدولية، تمهيدًا لخارطة طريق أكثر استقرارًا.

الاقتصاد رهينُ الأمن.. ودروسٌ خليجية

وقال العريمي بوضوح: «لا اقتصاد بلا أمن واستقرار». وقد نجحت دول الخليج في القفز تنمويًّا بفضل هذه القاعدة، فيما ما يزال بعض الدول العربية يعاني كُلفة الاضطراب. وأوضح أنّ «المال جبان» ويقيس المخاطر، وأن خيارات الاستثمار اليوم عالمية ومتنوّعة (أسهم، شركات عابرة للقارات، طاقة، تقنيات، وغيرها)، ما يفرض على البلدان الراغبة في اجتذاب الرساميل أن توفّر بيئةً آمنةً وقوانين ضامنة. وفي المقابل، أشار إلى تحديث عُمان لتشريعات الاستثمار في «العهد المتجدّد»، وتنامي ثقة المستثمرين العرب والأجانب، مستشهدًا بتدفّق استثمارات خليجية ومصرية وبريطانية، بل وحتى استثمارات للرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في عُمان، وهو ما «لم يكن ليحدث لولا وضوح القواعد واستقرار البيئة».

قوى ناعمة لبنانية في مسقط

ونبّه العريمي إلى أنّ الجالية اللبنانية في عُمان «قوةٌ ناعمة» يمكن تفعيلها لرفع مستوى التعاون الثقافي والاقتصادي، لِما تتمتّع به من انتماء ومحبة لعُمان، ولخبراتها المتراكمة وعلاقاتها الممتدة عالميًا (ومنها شبكة الشتات اللبناني في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة)، بما يفتح منافذ وأسواقًا جديدة للشراكات الثنائية.

التكامل المهني.. ودور جمعية الصحفيين

واستعرض رئيس الجمعية جانبًا من عمل مؤسسات المجتمع المدني، مؤكدًا استمرار التلاقي المهني بين نقابات واتحادات الصحفيين العرب واللبنانيين، وحاجة هذه العلاقات إلى «ترسيخ أكبر وتواصل أعظم» بحكم طبيعة الإعلام المتحركة وتبدّل الكوادر. وأشار إلى لقاءات وتبادل زيارات منتظمة في مسقط وبيروت والقاهرة والعواصم الخليجية.

جسور النقل الجوي.. مُعزِّزٌ للعلاقة

واعتبر العريمي أن فتح الخط المباشر مطلع ديسمبر إلى بيروت عبر «طيران السلام» خطوة مبشّرة، آملاً أن يستأنف «الطيران العُماني» رحلاته بواقع رحلة أو اثنتين، لأن النقل الجوي «جسرٌ حيوي» لتعزيز التبادل الثقافي والمجتمعي والاستثماري والتجاري، وتيسير حركة الأفراد والبضائع بين البلدين.

خلاصة المسار

وختم الدكتور العريمي بالتأكيد أنّ «مسقط وبيروت» أمام فرصة تاريخية لتوسيع التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي، مستندَيْن إلى رافعة تاريخية وثقة دبلوماسية، وإلى تحديثٍ تشريعي وبيئةٍ آمنة في عُمان، واستعداد لبناني للانفتاح ومعالجة الداخل. وبين هذين الضفتين، تظلّ الصحافة والثقافة والجاليات ورحلات الطيران «أذرعًا عملية» لترجمة الطموح إلى واقع.

لمتابعة حلقة «منتدى الوصال» عبر الرابط التالي:

تابع قناة الوصال عبر الواتساب واطّلع على آخر الأخبار والمستجدات أولاً بأول.

للانضمام:

https://whatsapp.com/channel/0029VaCrTgWAu3aWNVw28y3F

--:--
--:--
استمع للراديو